منه، ثم ذكر أنه لولا فضله على النبي (ص) لأضلوه بذلك، وأنهم لا يضلون إلا أنفسهم، وأنه أنزل عليه الكتاب والحكمة وعلّمه ما لم يكن يعلم فتضاعف بهذا فضله عليه، ثم ذكر أن ما يتناجون به من ذلك وغيره لا خير فيه، وإنما الخير في التناجي بالأمر بالصّدقة أو المعروف أو الإصلاح بين الناس، ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله، فله عظيم الأجر، ومن يمض في شقاقه إلى أن يرتدّ عن دينه كأولئك المنافقين فله شديد العقاب، ولا يغفر الله له أبدا، لأنه لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون الشرك لمن يشاء. ثم ذكر من قبائح شركهم أنهم لا يدعون من دونه إلا إناثا كاللّات والعزّى، وإلا شيطانا مريدا يضل الناس ويزين لهم القبائح ويمنّيهم أنه لا بعث ولا حساب، ثم ذكر أنه لا صحة لأمانيهم ولا لأمانيّ أهل الكتاب أنه لن يدخل الجنة غيرهم، فمن يعمل سوءا يجز به في يوم الجزاء، ومن يعمل صالحا يدخله الجنة ولا يظلمه شيئا، وليس هناك أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله واتّبع ملة إبراهيم في توحيده وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَكانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطاً (١٢٦)[الآية ١٢٦] .
أحكام أخرى في النساء الآيات [١٢٧- ١٣٤]
ثم قال تعالى: وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ [الآية ١٢٧] .
وكانوا قد سألوا التخفيف في ما نزل في أول السورة في يتامى النساء اللاتي كانوا ينكحوهن طمعا في أموالهن، وفي اليتامى الذين كانوا يحرمونهن من الميراث، وفي العدل مع الزوجات في عشرتهن وعند مفارقتهن، فذكر لهم أن ما تلاه عليهم أول السورة في اليتامى هو الذي يفتيهم الآن به، لأنه لا سبيل إلى تغييره، وأن الصلح بين المرأة وبعلها عند خوفها من نشوزه أو إعراضه خير من التسريح والفراق، ولو اقتضى ذلك أن تتنازل المرأة عن بعض حقوقها في القسم والنفقة ونحوهما، وتتغلب بذلك على ما جبلت عليه الأنفس من الشّحّ، ثم ذكر أن ما أمر به في أول السورة من العدل بين الزوجات لا يمكن الإتيان به على وجهه الكامل، فليأتوا منه ما في استطاعتهم من العدل في القسم ونحوه. فإذا لم يمكنهم ذلك