السورة بعدها، وقد ابتدئت بمقدمة ذكر فيها أن الذي أنزل إليه من ربه هو الحقّ، وأن الذي يمنعهم من تصديقه أنه يدعو الى التوحيد وهم لا يؤمنون به، وقد استطرد فيها الى إثبات هذا التوحيد، ثم عاد السياق الى المقصود من الكلام على تنزيل القرآن، فذكر شبهتين لهما عليه وأخذ في إبطالهما، وبهذا ينحصر المقصود من هذه السورة في هذه الأمور الثلاثة.
المقدمة الآيات [١- ٦]
قال الله تعالى: المر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ (١) فأقسم سبحانه بهذه الحروف أنّ ما أنزله هو آيات الكتاب، وأن ما أنزل إليه منه هو الحق، ولكن الذي يمنعهم من تصديقه أنه يدعو الى التوحيد وهم لا يؤمنون به ثم استطرد السياق من هذا الى إثبات توحيده جلّ وعلا، فذكر أنه سبحانه هو الذي رفع السماوات بغير عمد، وسخّر الشمس والقمر يجريان لأجل مسمّى، ودبّر أمر خلقه وفصّل آياته لهم لعلّهم بلقائه يؤمنون ثم ذكر غير هذا من الآيات الدالّة على توحيد الله تعالى، وأنه لا بد لهم من لقائه، وعجب من إنكارهم بعد هذا أن يخلقوا من جديد بعد أن يصيروا ترابا، وهدّدهم عليه بأنهم ستوضع الأغلال في أعناقهم، وأنهم أصحاب النار هم فيها خالدون ثم ذكر أنهم يستعجلونه سبحانه بهذا: وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلاتُ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقابِ (٦) .
رد شبهتهم الأولى على القرآن الآيات [٧- ٢٦]
ثم قال تعالى: وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ (٧) فذكر شبهتهم الأولى على القرآن، وهي إنكارهم له وطلب آية غيره، وقد ردّ عليهم بأن النبي (ص) إنما هو منذر، فليس بيده إجابتهم الى تلك الآيات، وبأن كل قوم لهم هاد يبعث بالآية التي تناسبهم في علمه بأحوالهم ثم ذكر من علمه بأحوالهم أنه يعلم ما تحمل كلّ أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد، الى غير هذا ممّا ذكره في إثبات علمه ليرضوا