أن يخرجوا من قريتهم، ثم أمطر عليها حجارة من سجّيل منضود: مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَما هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ (٨٣) .
ثم ذكر أنه أرسل الى مدين أخاهم شعيبا، فأمرهم سبحانه أن يعبدوه وحده، وقد مضت قصتهم في سورة الأعراف، والفرق بينها في السورتين هو ما سبق في قصة عاد وثمود وقوم لوط، وقد ذكر في ختامها، أنه لما جاء أمره بهلاكهم نجّى شعيبا ومن آمن به، وأخذت الكافرين الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين: كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيها أَلا بُعْداً لِمَدْيَنَ كَما بَعِدَتْ ثَمُودُ (٩٥) ثم ذكر أنه أرسل موسى الى فرعون وقومه وقد مضت قصّتهم في سورة يونس، ولكنه لم يفصّلها هنا كما فصّلها هناك، وإنما ذكر تعالى أنهم خالفوه واتّبعوا أمر فرعون، فأوردهم النار، وبئس الورد المورود: وَأُتْبِعُوا فِي هذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ (٩٩) .
الخاتمة الآيات [١٠٠- ١٢٣]
ثم قال تعالى: ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْقُرى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْها قائِمٌ وَحَصِيدٌ (١٠٠) فذكر أن ما سبق من أنباء القرى يقصّه عليه وبعضها لا تزال آثاره قائمة، وبعضها ذهبت آثاره كلّها، وأنه لم يظلمهم بهذا، ولكنهم ظلموا أنفسهم، باتخاذهم آلهة غيره، فلم تدفع عنهم شيئا ثم ذكر أن في هذا دليلا لمن خاف عذاب الآخرة، وأنه يوم يجمع له الناس وما يؤخره إلا لأجل معدود، إلى غير هذا مما ذكره من أحوال الأشقياء والسعداء فيه.
ثم نهى النبي (ص) ، على سبيل التعريض، أن يكون في مرية ممّا يعبده قومه، وذكر أنهم لا يعبدون إلا كما يعبد الذين قصّ أخبار هلاكهم، وأنه سيوفّيهم نصيبهم من العذاب أيضا ثم ذكر أنه قد أنزل على موسى التوراة من قبله، فاختلفوا فيها كما اختلف قومه فيما أنزل اليه، وأنه لولا أن كلمته سبقت بتأخير عذابهم لقضى به بينهم، وأنه جلّت قدرته، لا بد أن يوفّي كلّا من الفريقين جزاء أعمالهم: إِنَّهُ بِما يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (١١١) ثم أمره أن يستمر على استقامته، كما أمر هو ومن تاب معه، ونهاهم أن يطغوا كما يطغى المشركون، أو يركنوا إليهم لئلّا تمسّهم النار، ولا يجدون من دونه أولياء ثم لا