إن قيل: لم جمع تعالى لفظ «المشارق» هنا، وثنّاهما في سورة الرّحمن، ولم اقتصر هنا على ذكر «المشارق» ، وذكر ثمّة المغربين أيضا، وذكر المغارب مع المشارق، مجموعين في قوله تعالى: فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ [المعارج: ٤٠] وذكرهما مفردين في قوله تعالى قالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَما بَيْنَهُما إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ (٢٨)[الشعراء] ؟
قلنا: لأنّ القرآن نزل بلغة العرب على المعهود من أساليب كلامهم وفنونه، ومن أساليب كلامهم وفنونه:
٤٠] أراد جمع مشارق السنة ومغاربها، وهي تزيد على سبعمائة وبسّط مرّة، بقوله تعالى: فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ [المعارج: ٤٠] ، وأوجز واختصر مرّة بقوله تعالى: وَرَبُّ الْمَشارِقِ [الآية ٥] لدلالة المذكور، وهي المشارق، على المحذوف، وهي المغارب، وكانت المشارق أولى بالذكر لأنها أشرف إمّا لكون الشروق سابقا في الوجود على الغروب، أو لأنّ المشارق منبع الأنوار والأضواء.
فإن قيل: لم خصّ سبحانه وتعالى سماء الدنيا، بقوله تعالى:
(١) . انتقي هذا المبحث من كتاب «أسئلة القرآن المجيد وأجوبتها» ، لمحمد بن أبي بكر الرازي، مكتبة البابي الحلبي، القاهرة، غير مؤرّخ.