إن قيل: المراد بالرسول هنا محمد (ص) بلا خلاف، فلم قال تعالى يَتْلُوا صُحُفاً [الآية ٢] وظاهره يدلّ على قراءة المكتوب من الكتاب، وهو منتف في حقّه (ص) ، لأنّه كان أمّيا؟
قلنا: المراد يتلو ما في الصحف عن ظهر قلبه، لأنه هو المنقول عنه بالتواتر.
فإن قيل: ما الفرق بين الصحف والكتاب، حتّى قال تعالى: صُحُفاً مُطَهَّرَةً (٢) فِيها كُتُبٌ؟
قلنا: الصحف القراطيس، وقوله تعالى: مُطَهَّرَةً: أي من الشرك الباطل، وقوله تعالى: فِيها كُتُبٌ قَيِّمَةٌ (٣) أي مكتوبة مستقيمة، ناطقة بالعدل والحق، يعني الآيات والأحكام.
فإن قيل: لم قال الله تعالى: وَما تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ (٤) . أي النبي (ص) أو القرآن، والمراد بأهل الكتاب اليهود والنصارى، وهم ما زالوا متفرّقين يكفّر كلّ فريق منهم الاخر، قبل مجيء البيّنة وبعدها؟
قلنا: المراد به تفرّقهم عن تصديق النبيّ (ص) والإيمان به قبل أن يبعث، فإنّهم كانوا مجتمعين على ذلك، متّفقين عليه بأخبار التوراة والإنجيل فلمّا بعث إليهم تفرّقوا فمنهم من
(١) . انتقي هذا المبحث من كتاب «أسئلة القرآن المجيد وأجوبتها» ، لمحمد بن أبي بكر الرازي، مكتبة البابي الحلبي، القاهرة، غير مؤرّخ.