للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والكبراء: لقد تصدّيتم لنا بالإغراء، والمكر بنا ليلا ونهارا، حتّى أفسدتم علينا رأينا، وجعلتمونا نكفر بالله، ونجعل له نظراء من الالهة الخياليّة ويحتجّ الكبراء ويقولون أنحن منعناكم عن الهدى بعد إذ جاءكم؟ بل كنتم مجرمين إذ أخذتم الكفر عنّا بالتقليد.

وعضّ الجميع بنان الندم حينما رأوا العذاب، والأغلال في أعناقهم. ثم نرى المترفين يقاومون كلّ إصلاح، ويكذّبون كلّ رسالة:

وَما أَرْسَلْنا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قالَ مُتْرَفُوها إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ (٣٤) .

وقد احتجّ المترفون بكثرة أموالهم وأولادهم، واعتقدوا أنّ فضلهم في الدنيا سيمنعهم من العذاب في الاخرة وهنا يضع القرآن موازين الحق والعدل، ويقرر القيم الحقيقية الّتي يكون عليها الجزاء والحساب، وهي قيم الإيمان والعمل الصالح لا الأموال والأولاد.

وفي مشاهد القيامة يتّضح أنه لا الملائكة ولا الجن الّذين كانوا يعبدونهم في الدنيا، يملكون لهم في الاخرة شيئا.

كما توضح الآيات أنّ بسط الرزق وقبضه أمران يجريان وفق إرادة الله سبحانه، وليسا دليلا على رضيّ أو غضب، ولا على قرب أو بعد. إنّما ذلك ابتلاء واختبار.

٦- الدعوة الى التأمّل والتفكّر

في الآيات الأخيرة من السورة [٤٣- ٥٤] حديث عن عناد الكافرين وجحودهم، من غير برهان ولا دليل، وتنبيه من القرآن بما وقع لأمثالهم وعرض لمصارع الغابرين الّذين أخذهم النّكير في الدنيا، وهم كانوا أقوى منهم، وأعلم وأغنى.

ويعقب هذا عدّة إيقاعات عنيفة، كأنّما هي مطارق متوالية يدعوهم في أوّل إيقاع منها إلى أن يقوموا لله متجرّدين، ثمّ يتفكّروا غير متأثّرين بالحواجز الّتي تمنعهم من الهدى ومن النّظر الصحيح. وفي الإيقاع الثاني يدعوهم إلى التفكير في حقيقة البواعث الّتي تجعل الرّسول (ص) يلاحقهم بالدعوة، وليس له من وراء ذلك نفع ولا هو يطلب على ذلك أجرا، فما لهم يتشكّكون في دعوته ويعرضون؟

وتوالت الآيات تبدأ بلفظ (قل) ...