وعرضوا عليه أن يميلوا على أهل منى من الكفار فيقتلوهم:«إني لم أومر بهذا» . حتى إذا صارت المدينة دار إسلام، شرّع الله القتال لردّ أذى المشركين عن المسلمين، والدفاع عن حرية العقيدة، وحرية العبادة للمؤمنين.
ومن الموضوعات المدنية في سورة الحج: حماية الشعائر، والوعد بنصر الله لمن يقع عليه البغي، وهو يردّ العدوان، والأمر بالجهاد في سبيل الله.
وفي السورة موضوعات أخرى عولجت بطريقة القرآن المكّي، وتغلب عليها السّمات المكية. وهذه السمات تجعل سورة الحج مما يشبه المكّيّ وهو مدني.
[سمات القوة]
تتضح في سورة الحج سمات القوة والعنف، وأساليب الرهبة والتحذير، واستجاشة مشاعر التقوى والوجل والخوف من بأس الله.
وتبدو هذه المعاني في المشاهد والأمثال.
فمشهد البعث مزلزل عنيف رهيب، تذهل فيه الأم عن وليدها وهو بين يديها، وكذلك مشهد العذاب: فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ نارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُسِهِمُ الْحَمِيمُ (١٩) يُصْهَرُ بِهِ ما فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ (٢٠) وَلَهُمْ مَقامِعُ مِنْ حَدِيدٍ (٢١) كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيها وَذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ (٢٢) .
تجتمع هذه المشاهد العنيفة المرهوبة إلى قوة الأوامر والتكاليف، وتبرير الدفع بالقوة، وتأكيد الوعد بالنصر والتمكين إلى عرض الحديث عن قوة الله وضعف الشركاء المزعومين.
ووراء ذلك كلّه الدعوة إلى التقوى والوجل، واستجاشة مشاهد الرهبة والامتثال لأمر الله، تبدأ بها السورة وتتناثر في ثناياها: