للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المبحث الخامس لغة التنزيل في سورة «عبس» «١»

١- وقال تعالى: وَفاكِهَةً وَأَبًّا (٣١) .

والأبّ المرعى لأنه يؤبّ، أي: يؤمّ وينتجع.

قال الزمخشري: «٢» وعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه سئل عن الأبّ فقال: أيّ سماء تظلّني، وأي أرض تقلّني إذا قلت في كتاب الله ما لا علم لي به؟

وعن عمر رضي الله عنه أنه قرأ هذه الآية فقال: كل هذا قد عرفناه، فما الأبّ؟

ثم رفض عصا كانت بيده وقال: هذا لعمر الله التكلّف، وما عليك يا ابن أمّ عمر أن لا تدري ما الأبّ، ثم قال: اتبعوا ما تبيّن لكم من هذا الكتاب، وما لا، فدعوه.

فإن قلت: فهذا يشبه النهي عن تتبّع معاني القرآن، والبحث عن مشكلاته.

قلت: لم يذهب إلى ذلك، ولكنّ القوم أكبر همتهم عاكفة على العمل، ولكن التشاغل بشيء من العلم لا يعمل به تكلّفا عندهم، فأراد أن الآية مسوقة في الامتنان على الإنسان بمطعمه، واستدعاء شكره، وقد علم من فحوى الآية أنّ الأبّ بعض ما أنبته الله للإنسان متاعا له، أو لأنعامه فعليك بما هو أهم، من النهوض بالشكر لله على ما تبيّن لك، ولم يشكل، ممّا عدّد من نعمه، ولا تتشاغل عنه بطلب معنى الأبّ، ومعرفة النبات الخاص الذي هو


(١) . انتقي هذا المبحث من كتاب «من بديع لغة التنزيل» ، لإبراهيم السامرّائي، مؤسسة الرسالة، بيروت، غير مؤرّخ.
(٢) . الكشاف: ٤/ ٧٠٤- ٧٠٥.