إن قيل: لم قال الله تعالى: كَلَّا إِنَّها تَذْكِرَةٌ (١١) ثم قال سبحانه وتعالى: فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ (١٢) ، ولم يقل «ذكرها» ؟
قلنا: الضمير المؤنث لآيات القرآن أو لهذه السورة، والضمير في قوله تعالى ذَكَرَهُ (١٢) راجع إلى القرآن. وقيل راجع إلى معنى التذكرة وهو الوعظ والتذكير لا إلى لفظها.
فإن قيل: في قوله تعالى: وَفاكِهَةً وَأَبًّا (٣١) روي أن عمر رضي الله تعالى عنه قرأ هذه الآية وقال: كل هذا قد عرفناه فما الأبّ؟ ثم قال: هذا لعمر الله التكلّف، وما عليك يا عمر أن لا تدري ما الأبّ، ثم قال: اتّبعوا ما تبيّن لكم من هذا الكتاب، وما لا، فدعوه وهذا شبيه النهي عن تتبّع معاني القرآن والبحث عن مشكلاته؟
قلنا: لم يرد بقوله ما ذكرت، ولكنّ الصحابة رضي الله عنهم كانت أكثر هممهم عاكفة على العمل وكان الاشتغال بعلم لا يعمل به تكلّفا عندهم فأراد أن الآية مسوقة في الامتنان على الإنسان بمطعمه، واستدعاء شكره، وقد علم من فحوى الآية أن الأبّ بعض ما أنبته الله تعالى للإنسان متاعا له ولأنعامه، فكأنه قال:
عليك بما هو الأهم، فالأهم، وهو الشكر على ما تبيّن لك ولم يشكل، ممّا عدد من نعمه تعالى، ولا تتشاغل عنه بطلب معنى الأبّ معرفة النبات الخاص، واكتف بمعرفته منه جملة إلى
(١) . انتقي هذا المبحث من كتاب «أسئلة القرآن المجيد وأجوبتها» ، لمحمد بن أبي بكر الرازي، مكتبة البابي الحلبي، القاهرة، غير مؤرّخ.