وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر، ودعوة إلى تهذيب النفس، وحث على الفضيلة والاستقامة، وتقوى الله ومراقبته.
وهذه المعاني نجدها في السور المكّية والمدنيّة، وفي السور المختلف في مكّيتها ومدنيّتها، كسورة الإنسان.
ولا نملك نحن إلّا أن نقول: سورة الإنسان سورة من القرآن الكريم، يختلف الترجيح في مكّيتها ومدنيّتها، ونرى أنّ أسلوبها أقرب إلى أسلوب القرآن المكّي، وبذلك تكون جميع سور جزء تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ سورا مكّية.
[تسلسل أفكار السورة]
سورة الإنسان نداء رخيّ نديّ للإنسان أن يتذكّر أصله الذي خلق منه، ويتذكّر فضل الله عليه، إذ خلقه بشرا سويا، ويسّر له طريق الخير والشر، ليختار بإرادته وكسبه، وعقله وطاقاته ومداركه.
وبذلك تذكر السورة أصل الخلق، والمدارك والطاقات التي منحها الله للإنسان، وميّزه بهذا على جميع المخلوقات، فمنحه الإرادة والاختيار، والسمع والبصر، ليسمع ويرى ويفكّر ويتدبّر، ثمّ يختار بإرادته وكسبه وهذه ميزة خاصة بالإنسان وحده في هذا الكون.
فالملاك مطيع طاعة مطلقة، والحيوان مزوّد بالإدراك من دون الاختيار، والكون كله مسخر بمشيئة الله، وخاضع لنواميسه خضوع القهر والغلبة.
والإنسان زوّد بالعقل ليختار الطاعة لله أو المعصية، وهذا هو أساس الابتلاء والاختبار، فإن أطاع صار أهلا لرضوان الله وجنّته، وإن عصى صار أهلا لغضبه وناره.
وقد ذكرت السورة عذاب أهل النار في آية واحدة، هي الآية الرابعة.
واستسرسالات في وصف نعيم أهل الجنة وثوابهم، في الآيات [٥- ٢٢] ، أي في جزء كبير من السورة.
ثمّ يتجه الخطاب إلى الرسول الأمين، لتثبيته على الدعوة، وتوجيهه إلى الصبر، وانتظار حكم الله في الأمر، والاتّصال بربّه، والاستمداد منه كلما طال الطريق، وذلك في الآيات [٢٣- ٢٦] .