والمراد بها أن هذه الآيات جماع الكتاب وأصله. فهي بمنزلة الأم، كأن سائر الكتاب يتبعها ويتعلق بها، كما يتبع الولد آثار أمه، ويفزع إليها في مهمّه.
وقوله تعالى: وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ [الآية ٧] . وهذه استعارة. والمراد بها المتمكنون في العلم، تشبيها برسوخ الشيء الثقيل في الأرض الخوّانة. وهو أبلغ من قوله:
والثابتون في العلم.
وقوله تعالى: وَتُحْشَرُونَ إِلى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهادُ (١٢) وهذه استعارة.
وقوله تعالى: أُولئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ [الآية ٢٢] وهذه استعارة، والمراد فسدت أعمالهم فبطلت. وذلك مأخوذ من الحبط، وهو داء ترم له أجواف الإبل، فيكون سبب هلاكها، وانقطاع آكالها.
وقوله تعالى: تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَتُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ [الآية ٢٧] وهذه استعارة، وهي عبارة عجيبة عن إدخال هذا على هذا، وهذا على هذا.
والمعنى أن ما ينقصه من النهار يزيده في الليل، وما ينقصه من الليل يزيده في النهار. ولفظ الإيلاج هاهنا أبلغ،
(١) . انتقي هذا المبحث من كتاب «تلخيص البيان في مجازات القرآن» للشريف الرضي، تحقيق محمد عبد الغني حسن، دار مكتبة الحياة، بيروت، غير مؤرخ.