وأمطاره، ونباته وأشجاره وأخيرا من جانب القدرة الإلهية المحيطة بكل شيء، صاحبة الملك في الأولى والاخرة.
[فقرات السورة]
يمكن أن نقسم سورة لقمان إلى ثلاث فقرات أو جولات:
[الجولة الاولى:]
تبدأ الجولة بعد افتتاح السورة بالأحرف المقطّعة، فتقرّر أنّ هذه السورة من جنس تلك الأحرف، هي آيات الكتاب الحكيم، وهي هدى ورحمة للمحسنين. وهؤلاء المحسنون هم:
الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (٤) .
فتقرر قضيّة اليقين بالآخرة، وقضيّة العبادة لله، ومعها مؤثر نفسيّ ملحوظ:
أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٥) .
ومن ذا الّذي لا يريد أن يكون من المفلحين؟ ... وفي الجانب الاخر فريق من الناس يشتري لهو الحديث ليضلّ عن سبيل الله بغير علم، ويتّخذ تلك الآيات هزوا. وهؤلاء يعاجلهم بمؤثّر نفسيّ مخيف مناسب لاستهزائهم بآيات الله.
أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ (٦) .
ثمّ يمضي السّياق في وصف حركات هذا الفريق:
وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا وَلَّى مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها [الآية ٧] .
ومع الوصف مؤثّر نفسي منفّر من هذا الفريق:
كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً [الآية ٧] .
ومؤثّر آخر يخيفه مع التهكّم الواضح في التعبير:
فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ (٧) .
والبشارة هنا فيها من التهكّم الملحوظ ... ثمّ يعود السّياق إلى المؤمنين يفصّل شيئا من فلاحهم الّذي أجمله في أوّل السورة، ويبيّن جزاءهم الحسن في الاخرة. ثمّ يعرض صفحة الكون الكبير مجالا للبرهان القاطع الّذي يطالع الفطرة من كل جانب، ويخاطبها بكل لسان، ويواجهها بالحقّ الهائل الّذي يمرّ عليه النّاس غافلين ... وأمام هذه الأدلّة الكونيّة