للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المبحث السابع لكل سؤال جواب في سورة «الفرقان» «١»

إن قيل: الخلق هو التقدير ومنه قوله تعالى وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ [المائدة: ١١٠] أي تقدّر، فما معنى قوله تعالى: وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً (٢) فكأنه تعالى قال: «وقدّر كل شيء فقدره تقديرا» ؟

قلنا: الخلق من الله تعالى بمعنى الإيجاد والإحداث، فمعناه: وأوجد كل شيء مقدّرا مسوّى مهيّأ لما يصلح له، لا زائدا على ما تقتضيه الحكمة والمصلحة ولا ناقصا عن ذلك.

الثاني أن معناه: وقدّر له ما يقيمه ويصلحه أو قدّر رزقا وأجلا وأحوالا تجري عليه.

فإن قيل: لم قال تعالى في وصف الجنّة: كانَتْ لَهُمْ جَزاءً وَمَصِيراً (١٥) ، وهي ما كانت بعد، وإنما تكون كذلك بعد الحشر والنشر؟

قلنا: إنما قال: «كانت» : لأن ما وعده الله تعالى، فهو في تحققه كأنه قد كان، أو معناه: كانت في علم الله مكتوبة في اللوح المحفوظ أنها جزاؤهم ومصيرهم.

فإن قيل: ما الحكمة من تأخير الهوى، في قوله تعالى: أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ [الآية ٤٣] والأصل اتّخذ الهوى إلها، كما تقول: «اتّخذ الصنم معبودا» ؟

قلنا: هو من باب تقديم المفعول الثاني على الأول للعناية به، كما تقول علمت منطلقا زيدا لتظهر عنايتك بانطلاقه.


(١) . انتقي هذا المبحث من كتاب «أسئلة القرآن المجيد وأجوبتها» ، لمحمد بن أبي بكر الرازي، مكتبة البابي الحلبي، القاهرة، غير مؤرّخ.