سورة العنكبوت سورة مكّية، نزلت بعد سورة الروم، وآياتها ٦٩ آية. وقد نزلت سورة العنكبوت، في الفترة الأخيرة من حياة المسلمين في مكّة، قبل الهجرة وكانت هذه الفترة، من أقسى الفترات، ولذلك تعرّضت السورة لتثبيت المؤمنين على الإيمان، وبيان أن هناك ضريبة يدفعها المؤمن، هي الفتنة، والامتحان بالإيذاء، أو بالإغراء، أو بالوعد، أو بالوعيد.
وتناولت السورة قصص الأنبياء السابقين، وجهادهم، وبلاءهم، ثمّ إهلاك الكافرين، وانتصار المؤمنين وسمّيت سورة العنكبوت بهذا الاسم، لتكرّر ذكر العنكبوت فيها في قوله تعالى: مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِياءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ (٤١) .
وفي المصحف المطبوع بالقاهرة، المتداول بين الناس، نجد في عنوان السورة: سورة العنكبوت مكيّة، إلّا من الآية ١ إلى الآية ١١، فمدنية.
وقد رجّحت اللجنة المشرفة على طبع المصحف الرأي القائل: بأنّ الإحدى عشرة آية الأولى مدنية، وذلك لذكر الجهاد فيها.... وذكر المنافقين.
وعند التأمّل يترجّح لدينا، أن السورة كلّها مكّية أما تفسير الجهاد فيها، فمرجعه أنها واردة بصدد الجهاد ضدّ الفتنة، أي جهاد النفس، لتصبر ولا
(١) . انتقي هذا الفصل من كتاب «أهداف كلّ سورة ومقاصدها» ، لعبد الله محمود شحاته، الهيئة العامة للكتاب، القاهرة، ١٩٧٩- ١٩٨٤.