أقول: وجه وضعها بعد سورة الرّعد، أن قوله تعالى في مطلعها:
كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ [الآية ١] مناسب لقوله: في مقطع تلك: وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ (٤٣)[الرعد] . على أن المراد ب (من) هو: الله تعالى جل جلاله.
وأيضا ففي الرعد: وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ [الرعد/ ٣٢] . وذلك مجمل في أربعة مواضع: الرسل، والمستهزئين، وصفة الاستهزاء، والأخذ. وقد فصّلت الأربعة في قوله تعالى: أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَؤُا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعادٍ وَثَمُودَ [الآية ٩] إلى قوله: مِنْ وَرائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقى مِنْ ماءٍ صَدِيدٍ (١٦) .
(١) . انتقي هذا المبحث من كتاب: «أسرار ترتيب القرآن» للسيوطي، تحقيق عبد القادر أحمد عطا، دار الاعتصام، القاهرة، الطبعة الثانية، ١٣٩٨ هـ/ ١٩٧٨ م.