للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والخط الثاني في اللوحة العريضة الهائلة، هو خط الأرض الممدودة أمام النظر، المبسوطة للخطو والسير، وما فيها من رواس وما فيها من نبت وأرزاق للناس، ولغيرهم من الأحياء. قال تعالى:

وَالْأَرْضَ مَدَدْناها وَأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ (١٩) .

إن ظل الضخامة واضح في السياق، فالإشارة في الأرض إلى الرواسي، ويتجسّم ثقلها في التعبير بقوله سبحانه:

وَأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ.

وإلى النبات موصوفا بأنه (موزون) وهي كلمة ذات ثقل، وإن كان معناها أن كل نبت في هذه الأرض في خلقه دقة وإحكام وتقدير.

والآية الكونية هنا تتجاوز الآفاق إلى الأنفس، فهذه الأرض الممدودة للنظر والخطو، وهذه الرواسي الملقاة على الأرض تصاحبها الإشارة إلى النبت الموزون، ومنه إلى المعايش التي جعلها الله للناس في هذه الأرض، وهي الأرزاق المؤهّلة للعيش والحياة فيها، وهي كثيرة شتّى. وهذه الأرزاق، ككل شيء، مقدرة في علم الله تابعة لأمره ومشيئته، يصرّفها حيث يشاء وكما يريد، في الوقت الذي يريد، وفق سنّته التي ارتضاها وأجراها في الناس والأرزاق، قال تعالى:

وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ وَما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ (٢١) .

فما من مخلوق يقدر على شيء أو يملك شيئا، ولكن خزائن كلّ شيء مصادره وموارده عند الله سبحانه، في علاه، ينزله على الخلق في عوالمهم:

بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ (٢١) . فليس من شيء ينزل جزافا، وليس من شيء يتمّ اعتباطا، بل كلّ شيء يتم بحكمة العليم الخبير، وتقدير السميع البصير إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ (٤٩) [القمر] .

[قصة آدم في سور البقرة والأعراف والحجر]

ذكرت قصة آدم في القرآن مرتين من قبل، في سورة البقرة، وفي سورة الأعراف، ولكن مساقها في كل مرة كان لأداء غرض خاص في معرض خاص وفي جو خاص ومن ثم