لقد صبر الرسل، وصابروا، من أجل إبلاغ الدعوة إلى قومهم، وحملوا كلمة الله ناصعة نقية واضحة سليمة، وعرضوها أمام العيون والقلوب لتبصر وترى آثار قدرة الله وعظيم خلقه، وليكون إيمانها عن بيّنة ويقين، ولئلا يحتجّ إنسان يوم القيامة بأن الرسالة لم تبلغه قال تعالى:
ومن هؤلاء الرسل، خمسة كانوا أكثر معاناة مع قومهم، وهم سيدنا نوح، وسيدنا ابراهيم، وسيدنا موسى، وسيدنا عيسى، وسيدنا محمد عليهم الصلاة والسلام.
وقد كان جهادهم مع قومهم، آية في تحمّل البلاء والصبر على الإيذاء والعناد، قال تعالى: فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ [الأحقاف: ٣٥] .
لقد صبر نوح (ع) دهرا طويلا على قومه، وألقي ابراهيم (ع) في النار، وأوذي موسى (ع) أبلغ الأذى فصبر، وحاول اليهود الإيقاع بالمسيح (ع) والإغراء بقتله فرفعه الله تعالى اليه، وكان خاتم الرسل محمد (ص) يتحمّل صنوف الأذى وألوان الاضطهاد في مكّة، ويتحمل نفاق المنافقين وكيد اليهود في المدينة. ولكنّ العاقبة كانت للمتقين. لقد أدّى الرسل واجبهم، وبلّغوا رسالتهم، ونجّاهم الله مع المؤمنين، ثم عاقب الجاحدين.
[الآيات ١- ٤] : أرسل الله نوحا (ع) ، ليدعو قومه إلى عبادة الله سبحانه وطاعته، وقد بلّغ نوح دعوة ربه إلى قومه، ولخّص دعوته في ثلاث كلمات: اعبدوا الله وحده واتقوه وآمنوا به عن يقين وأطيعوا رسولكم فيما يأمركم به، وينهاكم عنه.
وبهذا الإيمان تستحقّون مغفرة الله لكم، والبركة في أعماركم، ولا شكّ أنّ للطاعات مدخلا في راحة البال واستقرار العيش، وهدوء النفس، وهذا بلا ريب، يطيل هناءة العمر، ويجعله مباركا حافلا بالأعمال النافعة.