إن قيل: ما الحكمة في إعادة التكذيب في قوله تعالى: كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنا [الآية ٩] لماذا لم يقل عزّ من قائل: كذبت قبلهم قوم نوح عبدنا؟
قلنا: معناه كذّبوا تكذيبا بعد تكذيب. وقيل إن التكذيب الأول منهم بالتوحيد، والثاني بالرسالة. وقيل التكذيب الأول منهم لله تعالى، والثاني لرسوله (ص) .
فإن قيل: لم قال تعالى في وصف ماء الأرض والسماء: فَالْتَقَى الْماءُ [الآية ١٢] ولم يقل فالتقى الماءان؟
قلنا: أراد به جنس المياه.
فإن قيل: الجزاء إنما يكون للكافر لا للمكفور، فلم قال تعالى: جَزاءً لِمَنْ كانَ كُفِرَ (١٤) ؟
قلنا: جزاء مفعول له فمعناه: ففتحنا أبواب السماء وما بعده ممّا كان يسبّب إغراقهم جزاء لله تعالى لأنه مكفور به، فحذف الجار وأوصل الفعل بنفسه، كقوله تعالى وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ [الأعراف: ١٥٥] والجزاء يضاف إلى الفاعل وإلى المفعول كسائر المصادر.
الثاني: أنه نوح (ع) إما لأنه مكفور به بحذف الجار، كما مر من الكفر الذي هو ضد الإيمان، أو لأنّ كلّ نبيّ نعمة منّ الله بها على قومه، ومنه قوله تعالى: وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ (١٠٧)[الأنبياء] . وقال رجل للرشيد: الحمد لله عليك، فقال ما
(١) . انتقي هذا المبحث من كتاب «أسئلة القرآن المجيد وأجوبتها» ، لمحمد بن أبي بكر الرازي، مكتبة البابي الحلبي، القاهرة، غير مؤرّخ.