للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المبحث السابع لكل سؤال جواب في سورة «الكهف» «١»

إن قيل: قوله تعالى: قَيِّماً [الآية ٢] يعني مستقيما، وقوله وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً (١) مغن عن قوله قَيِّماً لأنه متى انتفى العوج ثبتت الاستقامة، لأنّ العوج في المعاني كالعوج في الأعيان، والمراد به هنا نفي الاختلاف والتناقض في معانيه، وأنه لا يخرج منه شيء عن الصواب والحكمة. وقيل في الآية تقديم وتأخير، تقديره: «الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب قيّما ولم يجعل له عوجا» .

قلنا: قال الفراء: معنى قوله تعالى قَيِّماً قائما على الكتاب السماوية كلها، مصدّقا لها، شاهدا بصحّتها، ناسخا لبعض شرائعها. فعلى هذا لا تكرار فيه. وعلى القول المشهور، يكون الجمع بينهما للتأكيد سواء أقدّر «قيّما» مقدّما أو أقر في مرتبته، ونصب بفعل مضمر تقديره: ولكن جعله قيّما.

ولا بد من هذا الإضمار، أو من التقديم والتأخير، وإلّا صار المعنى:

ولم يجعل له عوجا مستقيما، والعوج لا يكون مستقيما.

فإن قيل: اتّخاذ الله تعالى ولدا محال، فلم قال سبحانه: ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ [الآية ٥] ؟ وإنما يستقيم أن يقال فلان ماله علم بكذا، إذا كان ذلك الشيء ممّا يعلمه غيره أو ممّا يصحّ أن يعلم، كقولنا زيد ما له علم بالعربية أو بالحساب أو بالشعر، ونحو ذلك.

قلنا: معناه ما لهم به من علم، لأنه ليس ممّا يعلم لاستحالته، وهذا لأنّ


(١) . انتقي هذا المبحث من كتاب «أسئلة القرآن المجيد وأجوبتها» ، لمحمد بن أبي بكر الرازي، مكتبة البابي الحلبي، القاهرة، غير مؤرّخ.