وهكذا يشعر القلب، وهو يواجه هذه السورة، أنه محاصر لا يستطيع الهروب، مأخوذ بعمله لا يستطيع الإفلات، لا ملجأ له من الله ولا عاصم. وهكذا تعالج السورة عناد المشركين وإصرارهم، وتشعر الإنسان بالجدّ الصارم الجازم، في شأن القيامة، وشأن النفس، وشأن الحياة المقدّرة بحساب دقيق. وقد لوّنت السورة وزاوجت بين حقائق الاخرة، وحقائق الخلق والإبداع، ومشاهد الموت والحساب، وتكفّل الله بشأن القرآن وحفظه. وتلك خصيصة من خصائص الأسلوب القرآني، حيث يخاطب القلب البشري بشتّى الأساليب والمؤثّرات والحقائق والمشاهد، ممّا يأخذ عليه كل طريق، ويقوده إلى الإذعان والتسليم.
[مع آيات السورة]
[الآيتان ١- ٢] : يقسم الله تعالى بيوم القيامة وعظمة هوله، وبالنفس التي تلوم صاحبها على الخير والشر، وتندم على ما فات يقسم أن البعث حق.
[الآيتان ٣- ٤] : يردّ سبحانه على بعض المشركين الذين لا يؤمنون بالبعث، وقد كانت المشكلة الشعورية عند المشركين، صعوبة تصورهم لجمع العظام البالية، الذاهبة في التراب، المتفرّقة في الثرى، وإعادة بعث الإنسان حيا.
والنّص يؤكّد عملية جمع العظام، بما هو أرقى من مجرد جمعها، وهو تسوية البنان، وتركيبه في موضعه كما كان وهي كناية عن إعادة التكوين البشري بأدق ما فيه، حتّى يتمثل الإنسان بشرا سويّا، لا ينقصه حتّى تسوية أصابعه، وما حملت من خاصّيّات مميزة.
[الآيتان ٥- ٦] : لا يجهل ابن آدم أنّ ربه قادر على أن يجمع عظامه، ولكنه يريد أن يداوم على فجوره، ولا يتخلى عنه ومن ثم فهو يستبعد وقوع البعث، ويستبعد مجيء القيامة.
[الآيات ٧- ٩] : ذكر سبحانه، من علامات يوم القيامة، أمورا ثلاثة: