سورة التحريم سورة مدنية، آياتها ١٢ آية، نزلت بعد سورة الحجرات.
شاء الله، سبحانه، أن يكون الرسول بشرا به قوّة الإنسان، وتجارب الإنسان، ومحاولات الإنسان، وضعف الإنسان، لتكون سيرة هذا الرسول الإنسان نموذجا عمليا للمحاولة الناجحة، يراها ويتأثّر بها من يريد القدرة الميسّرة العملية الواقعية، التي لا تعيش في هالات، ولا في خيالات.
وهذه السورة فيها عتاب للرسول الأمين على تحريمه ما أحل الله له، ولو كتم النبيّ (ص) من أمر القرآن شيئا لكتم هذا العتاب.
إن هذا القرآن كتاب الحياة بكلّ ما فيها، وقد شاء الله أن يواكب الوحي حياة الرسول الأمين، فيبارك الخطوات الناجحة، ويقوّم ما يحتاج الى تقويم، وبذلك تكون القدوة في متناول الناس، قال تعالى: لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً (٢١) .
لقد عاتب القرآن رسول الله في قبوله الفداء من أسرى بدر، وفي إذنه للمخلّفين بالقعود عن الجهاد، وفي إعراضه عن الأعمى الذي ألحّ في السؤال، وفي تحريمه ما أحلّ الله له.
كما عرض القرآن جوانب القوّة والجهاد والتربية والسلوك للنبيّ الأمين، وجعل حياته الخاصة والعامة كتابا مفتوحا لأمّته وللبشريّة كلّها، تقرأ فيه صورة العقيدة، وترى فيه تطبيقاتها
(١) . انتقي هذا الفصل من كتاب «أهداف كلّ سورة ومقاصدها» ، لعبد الله محمود شحاته، الهيئة العامة للكتاب، القاهرة، ١٩٧٩- ١٩٨٤.