للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المبحث السابع لكل سؤال جواب في سورة «غافر» «١»

إن قيل: لم قال تعالى: ما يُجادِلُ فِي آياتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا [الآية ٤] .

مع أن الذين آمنوا يجادلون أيضا فيها، أمنسوخة هي أم محكمة؟ أفيها مجاز أم كلها حقيقة؟ أمخلوقة هي أم قديمة؟ وغير ذلك.

قلنا: المراد الجدال فيها بالتكذيب، ودفعها بالباطل والطعن بقصد إدحاض الحق وإطفاء نور الله تعالى، ويدل عليه قوله تعالى عقيبه: وَجادَلُوا بِالْباطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ [الآية ٥] .

فإن قيل: ما الحكمة في قوله تعالى في وصف حملة العرش: وَيُؤْمِنُونَ بِهِ [الآية ٧] ولا يخفى على أحد أن حملة العرش يؤمنون بالله تعالى؟

قلنا: الحكمة إظهار شرف الإيمان وفضله والترغيب فيه كما وصف الأنبياء (ع) بالصلاح والإيمان في غير موضع من كتابه.

فإن قيل: في قوله تعالى: قالُوا رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ [الآية ١١] كيف صح أن يسمى خلقهم أمواتا إماتة؟

قلنا: هذا كما تقول: سبحان من صغّر جسم البعوضة وكبّر جسم الفيل، وكما تقول للحفّار: ضيّق فم الركيّة ووسّع أسفلها، وليس فيهما نقل من كبر إلى صغر ومن صغر إلى كبر، ولا من سعة إلى ضيق ولا من ضيق إلى سعة وإنما أردت الإنشاء على تلك الصفات. والسبب في صحته أن الصّغر


(١) . انتقي هذا المبحث من كتاب «أسئلة القرآن المجيد وأجوبتها» ، لمحمد بن أبي بكر الرازي، مكتبة البابي الحلبي، القاهرة، غير مؤرّخ.