في ختام سورة النمل نجد آيات قوية تتحدث عن قدرة الله ومظاهر العظمة والقدرة في هذا الوجود.
لقد استعرضت السورة في بدايتها حلقات من قصص موسى وداود وسليمان وصالح ولوط، عليهم السلام جميعا، استغرقت الآيات [٧- ٥٩] .
أما الآيات الأخيرة في السورة [٦٠- ٩٣] ، فإنها تجول جولة هادفة في تثبيت العقيدة، جولة في مشاهد الكون وأغوار النفس وأطواء الغيب، وفي أشراط الساعة، ومشاهد القيامة، وأهوال الحشر، التي يفزع لها من في السماوات والأرض إلّا من شاء الله.
في هذه الجولة الأخيرة، يستعرض القرآن أمام الناس مشاهدات في صفحة الكون وفي أطواء النفس، لا يملكون تعليلها بغير التسليم بوجود الخالق الواحد المدبّر القدير.
ويتوالى عرض هذه المشاهدات في إيقاعات مؤثّرة، تأخذ عليهم أقطار النفس وأقطار المشاعر، وهو يطرح عليهم أسئلة متلاحقة: من خلق السماوات والأرض؟ من أنزل من السماء ماء فأنبتنا به حدائق ذات بهجة؟
من جعل الأرض قرارا، وجعل خلالها أنهارا، وجعل لها رواسي، وجعل بين البحرين حاجزا؟ من يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء؟ من يجعلكم خلفاء الأرض؟ من يهديكم في ظلمات البر والبحر؟ من يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته من يبدأ الخلق ثم يعيده؟
من يرزقكم من السماء والأرض؟ وفي كل مرة يقرّعهم: أإله مع الله؟ وهم لا يملكون أن يقولوا: إن إلها مع الله يفعل شيئا من هذا كله، وهم مع هذا يعبدون أربابا من دون الله! وعقب هذه الإيقاعات القوية التي تقتحم القلوب، لأنها إيقاعات كونية تملأ صفحة الوجود من حولهم، أو إيقاعات وجدانية يحسونها في قلوبهم، يستعرض تكذيبهم بالآخرة وتخبّطهم في أمرها، ويعقّب عليه بتوجيه قلوبهم إلى مصارع الغابرين الذين كانوا مثلهم يكذبون ويتخبطون.
ويخلص من هذا إلى عرض مشهد الحشر وما فيه من هول فزع، ويرجع