ذكرت قصة آدم في سورة البقرة، ثم أكملت سورة الأعراف حلقات هذه القصة. وذكرت أنّ الله تعالى خلق آدم (ع) وأمر الملائكة بالسجود له إظهارا لفضله، وتنويها بما يكون له من شأن، بعد أن سألوا عن الحكمة في خلقه، وقد ركّبت فيه الشهوة والغضب، وبهما يفسد في الأرض ويسفك الدماء.
وذكرت السورة موقف إبليس وإباءه السجود والامتثال لأمر الله، كما ذكرت قصة تأثّر آدم بوسوسة الشيطان، وإغرائه إيّاه بالأكل من الشجرة، وكيف كانت عاقبة آدم في الهبوط من الراحة والاطمئنان إلى الكدّ والتعب، وإلى مكافحة عوامل الشر التي بنيت الحياة عليها، وعلى ما يقابلها من عوامل الخير ومطالبة الإنسان بأن يقف مع جانب العقل والرسالة الإلهية، اللذين يشدّان أزره في التغلب على عوامل الشر.
لقد كان آدم في نعيم الجنة يتمتّع بما فيها من كل ما تشتهي الأنفس، وتلذّ به الأعين، ويتنقّل بين أشجارها، ويتفيّأ ظلالها، ويتفكّه بثمارها، ويرتوي من عذب مياهها، وشاركته زوجته هذه المتعة. ولكنّ الشيطان أغراهما بالأكل من الشجرة وأقسم لهما بأنه من الناصحين. فلمّا أطاعا الشيطان، وأكلا من الشجرة، سلب الله عنهما نعمته وحرمهما جنته:
وقد ندم آدم وحواء أشد الندم، وتابا إلى الله توبة نصوحا، فتاب الله عليهما وأمرهما أن يهبطا إلى الأرض ليكدحا ويعملا، فتعمر الأرض وتنتشر الحياة في جنباتها. وقد حذّر الله آدم وذرّيّته من الشيطان وإغرائه وبيّن سبحانه أن على المؤمن أن يلجأ إلى ربه، وأن يستعين بهداه، وألّا يخلد الى الهوى وألا ييأس من رحمة الله. فقد فتح الله باب التوبة على مصراعيه حتّى يتوب إليه التائبون ويلجأ إليه المؤمنون. فكلّ