إن قيل: قوله تعالى: هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ (٣٥) ينفي وجود الاعتذار منهم لأن الاعتذار إنما يكون بالنطق، فما فائدة نفي الاعتذار بعد نفي النطق؟
قلنا: معناه أنهم لا ينطقون، بعذر مقبول وحجة صحيحة، لا ابتداء ولا بعد أن يؤذن لهم في الاعتذار، فإنّ الأسير والجاني الخائف، عادة، قد لا ينطق لسانه بعذره وحجته، ابتداء، لفرط خوفه ودهشته، ولكن إذا أذن له في إظهار عذره وحجته، انبسط وانطلق لسانه، فكانت الفائدة في الجملة. الثاني: نفي هذا المعنى: أي لا ينطقون بعذر، ابتداء ولا بعد الإذن.
فإن قيل: قوله تعالى: يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ [غافر/ ٥٢] يدلّ على وجود الاعتذار منهم، فكيف التوفيق بينه وبين ما نحن فيه؟
قلنا: قيل: المراد، بتلك، الظالمون من المسلمين، وبما نحن فيه يراد الكافرون وآخر تلك الآية يضعف هذا الجواب: أي قوله تعالى: وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (٥٢)[غافر] .
(١) . انتقي هذا المبحث من كتاب «أسئلة القرآن المجيد وأجوبتها» ، لمحمد بن أبي بكر الرازي، مكتبة البابي الحلبي، القاهرة، غير مؤرّخ.