يجري بين أيديهم كما يشاءون، ولديهم فاكهة كثيرة الكمّ والأنواع، لا تنقطع عنهم ولا يمنعون من تناولها، وقد أعدّ لهم في الجنة أسرّة عالية طاهرة، عليها زوجات طاهرات، قد خلقن خلقا جديدا يتّسم بالكمال والجمال، وأنشئن إنشاء جديدا من غير ولادة، وهنّ أبكار لم يمسسن عُرُباً [الآية ٣٧] متحبّبات إلى أزواجهنّ أَتْراباً (٣٧) كلهن في سن واحدة، في ريعان الشباب، وطراوة الصّبا.
[أصحاب الشمال]
تصف الآيات [٤١- ٥٧] ما أعدّ لأصحاب الشمال، فهم في سَمُومٍ (٤٢) وهو هواء ساخن ينفذ الى المسام، ويشوي الأجسام، وَحَمِيمٍ (٤٢) وهو ماء متناه في الحرارة، وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ (٤٣) ظل من دخان أسود ساخن، لا بارد كسائر الظلال، ولا كريم ينتفع به، لأنهم كفروا بالله، وانغمسوا في الشهوات، وأنكروا البعث والجزاء.
[آيات القدرة الالهية]
تعرض الآيات [٥٨- ٧٤] آثار القدرة الإلهية المبدعة، وتحرّك قلوب المشاهدين، لينظروا في أصل خلقتهم، وفي زرعهم الذي تزاوله أيديهم، وفي الماء الذي يشربون، وفي النار التي يوقدون.
وهي طريقة فذة للقرآن الكريم، حين يلفت الإنسان الى أبسط مظاهر الحياة ومشاهدها، ليبني له أضخم عقيدة دينية، وأوسع تصوّر كوني. هذه المشاهدات التي تدخل في تجارب كلّ انسان، في النسل، في الزرع، في الماء، في النار فأيّ انسان على ظهر هذه الأرض لم تدخل هذه المشاهدات في تجاربه؟
من هذه المشاهدات البسيطة الساذجة، ينشئ القرآن العقيدة، لأنه يخاطب كل إنسان في بيئته.
وهذه المشاهدات البسيطة هي بذاتها أضخم الحقائق الكونية وأعظم الأسرار الربّانية:
نشأة الحياة الإنسانية ... وهي سر الأسرار.
نشأة الحياة النباتية معجزة كذلك، الماء أصل الحياة، النار ... المعجزة التي صنعت الحضارة الانسانية.