ثم ذكر استهزاءهم بالقرآن وأنهم قالوا عن النبي (ص) إنه لمجنون، لأنه يدّعي أنه آية على نبوته. ثم طلبوا منه أن يأتيهم بالملائكة إن كان من الصادقين. وقد ردّ عليهم النبي (ص) بأن الله لا ينزل الملائكة إلا بالعذاب، فإذا نزلوا به لا يمهلونهم، وبأنه سبحانه هو الذي نزّل القرآن وتولى حفظه مما حصل في الكتب المنزلة قبله، ثم ذكر تعالى للنبي (ص) أنه قد استهزئ بالرسل من قبله كما استهزئ به، ليصبر على استهزائهم به وطعنهم فيه، وأنه كذلك يسلك القرآن في قلوب المجرمين ليعاقبهم عليه كما عاقب المكذّبين الأولين، ثم رد عليهم بأنه لو فتح عليهم بابا من السماء فظلوا يعرجون فيه، لزعموا أن هذا سحر ولم يؤمنوا به.
ثم انتقل السياق من هذا إلى إثبات قدرته جل جلاله على ما يقترحون من الآيات، فذكر أنه سبحانه هو الذي جعل في السماء بروجا وزيّنها للناظرين إلخ، وأنه مدّ الأرض وألقى فيها رواسي وأنبت فيها من كلّ شيء موزون إلخ، وأنه أرسل الرياح لواقح فأنزل من السماء ماء فأسقاهموه وما هم له بخازنين إلخ، وأنه يحيي ويميت، وهو الوارث الباقي، وأنه يعلم المستقدمين منهم والمستأخرين: وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (٢٥) .
ثم قال تعالى: وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (٢٨) ، فذكر قصة آدم (ع) حين خلقه وأمر الملائكة بالسجود له، وأنّ إبليس كذّب وعصى فعوقب بما عوقب به من الطرد واللعن وقد سبقت هذه القصة في سورتي البقرة والأعراف ولكنها، هنا، تخالف ما سبق في سياقها وأسلوبها، وما فيها من زيادة ونقص.
ثم ذكر قصة إبراهيم ولوط عليهما السلام، وقد سبقت قصتهما في سورة هود وغيرها، والفرق بينها في هذه المواضع كالفرق السابق في قصة آدم (ع) .