الهدف، ويرشد الجميع إلى أن القتال أفضل لأن فيه انتصافا للمؤمنين، وإعلاء لكلمة الله، ودحرا للطغيان، وتحطيما لطواغيت الكفر، وردعا للمشركين، وقد استشار النبي (ص) المسلمين قبل بدء المعركة: هل يقدم على القتال؟ أم يعود إلى المدينة؟
فأدلى أبو بكر وعمر برأيهما، ثم قام المقداد بن عمرو فقال: يا رسول الله، امض لما أراك الله، فنحن معك والله لا نقول لك كما قال بنو إسرائيل لموسى:
فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ (٢٤)[المائدة] ولكن نقول:
اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون.
ثم قال النبي (ص)«أشيروا عليّ أيها الناس» ، فقام سعد بن معاذ زعيم الأنصار، وقال: يا رسول الله، آمنا بك وصدّقناك، وشهدنا أن ما جئت به هو الحق، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة، فامض لما أردت فنحن معك فو الذي بعثك بالحق نبيّا، لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك، وما تخلّف منا رجل واحد، وما نكره أن تلقى بنا عدوّنا غدا إنّا لصبر في الحرب وصدق في اللقاء، لعل الله يريك منّا ما تقرّ به عينك. وعندئذ أشرق وجه الرسول (ص) بالمسرّة، وقال لأصحابه سيروا وابشروا، فإن الله وعدني إحدى الحسنيين العير أو النفير، وقد فرّت العير فلم يبق إلا النفير فسار المسلمون، وكلهم أمل في النصر وتأييد الله.
[صور من معركة بدر]
نزلت سورة الأنفال في غزوة بدر، وهي الموقعة الفاصلة في تاريخ الإسلام والمسلمين، بل في تاريخ البشرية كلها إلى يوم الدين. الموقعة التي قدّر المسلمون أن تكون غايتها غنيمة أموال المشركين، وقدّر رب المسلمين أن تكون فاصلا بين الحق والباطل، وأن تكون مفرق الطريق في تاريخ الإسلام، ثم تكون مفرق الطريق في خط سير التاريخ الإنساني العام، وفيها ظهرت الاماد البعيدة، بين تدبير البشر لأنفسهم فيما يحسبونه الخير، وتدبير رب البشر لهم، ولو كرهوه في أول الأمر.
نزلت سورة الأنفال في غزوة بدر، فتضمّنت الكثير من دستور السلم