يعمل دروعا سابغات للحرب، كما حثّه الله على العمل الصالح، فإنه سبحانه بصير خبير.
وقد سخّر الله تعالى لسليمان (ع) الريح ذهابها شهر ورجوعها شهر، تحمل بساطه هو وخاصّته إلى حيث يشاء، وقد ذلّل الله له الجنّ تعمل له أنواع المصنوعات. فلما انقضى أجله مات واقفا متّكئا على عصاه وما دل الجنّ على موته إلا أرضة قرضت عصاه، فسقط، فانطلقوا بعد أن كانوا مسجونين.
٣- قصة سبأ
ضرب الله مثلا للشاكرين داود وسليمان. وقليل من الناس من يدرك فضل الله عليه، وعظيم نعمائه الّتي لا تعدّ ولا تحصى. ثم ضرب الله مثلا للبطر وجحود النعمة، مملكة سبأ.
فلمّا آمنت بلقيس، وكفر من جاء بعدها، وأعرضوا عن شكر الله، أصابهم الدمار.
وسبأ اسم لقوم كانوا يسكنون جنوبيّ اليمن، وكانوا في أرض مخصبة لا تزال منها بقيّة إلى اليوم، وقد ارتقوا في سلّم الحضارة، حتّى تحكّموا في مياه الأمطار الغزيرة الّتي تأتيهم من البحر في الجنوب والشرق. فأقاموا خزّانا طبيعيّا يتألّف جانباه من جبلين، وجعلوا على فم الوادي بينهما سدّا به عيون تفتح وتغلق، وخزنوا المياه بكمّيات عظيمة وراء السد، وتحكّموا فيها وفق حاجتهم، فكان لهم من هذا مورد مائي عظيم، وقد عرف باسم «سدّ مأرب» .
وهاتان الجنّتان، عن اليمين والشمال، رمز لذلك الخصب والوفرة والرّخاء والمتاع الجميل. ولكنهم لم يشكروا نعمة الله ولم يذكروا آلاءه، فسلبهم هذا الرخاء، وأرسل السيل الجارف الّذي يحمل العرم في طريقه، وهي الحجارة، لشدّة تدفّقه، فحطم السد وانساحت المياه فطغت وأغرقت ثم لم يعد الماء يخزن بعد ذلك فجفّت الجنّتان واحترقتا، وتبدّلتا، صحراء تتناثر فيها الأشجار البرّيّة الخشنة.
ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِما كَفَرُوا [الآية ١٧] بنعمة الله.
وَهَلْ نُجازِي إِلَّا الْكَفُورَ وقد استغرقت قصة سبأ الآيات [١٥- ٢١]