٣- ثم يجيء التعقيب بعد ذلك بفوز المؤمنين، وبشدّة بطش الله بالمجرمين، وبقدرته وهيمنته على الكون، ثمّ اشارة سريعة الى سوابق من أخذ من الطغاة كفرعون وثمود في الآيات [١١- ٢٢] .
[مع آيات السورة]
[الآيات ١- ٣] : يقسم الله سبحانه بالسماء ذات الكواكب، والنجوم الكثيرة، التي تنتشر في أرجائها، ويقسم بيوم القيامة، ويقسم بالشاهد والمشهود، والشاهد هو الملائكة تشهد على الناس يوم القيامة، والمشهود عليه هو الخلائق أو الأنبياء تشهد على أممهم يوم القيامة، أو بجميع ما خلق الله في هذا الكون مما يشهده الناس، ويرونه رأي العين.
وخلاصة ذلك أنه سبحانه أقسم بالعوالم كلها، ليلفت الناظرين إلى ما فيها من العظم والفخامة.
[الآية ٤] : قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ (٤) أي أخذوا بذنوبهم، ونزل بهم نكال الدنيا وعذاب الآخرة.
ومن حديث ذلك أنه قد وقع إلى نجران من أرض اليمن، رجل ممّن كانوا على دين عيسى بن مريم (ع) ، فدعا أهلها الى دينه، وكانوا على اليهودية، وأعلمهم أنّ الله بعث عيسى (ع) بشريعة ناسخة لشريعتهم، فآمن به قوم منهم، وبلغ ذلك ذا نواس ملكهم، وكان يتمسك باليهودية، فسار إليهم بجنود من حمير، فلمّا أخذهم، خيّرهم بين اليهودية والإحراق بالنار، وحفر لهم حفيرة ثم أضرم فيها النار، وصار يؤتى بالرجل منهم فيخيّره: فمن جزع من النار، وخاف العذاب، ورجع عن دينه، ورضي اليهودية، تركه ومن استمسك بدينه، ولم يبال بالعذاب الدنيوي، لثقته بأن الله يجزيه أحسن الجزاء، ألقاه في النار.
ثم بيّن من أصحاب الأخدود فقال:
[الآية ٥] : النَّارِ ذاتِ الْوَقُودِ (٥) أي أن أصحاب الأخدود هم أصحاب النار، التي لها من الحطب الكثير ما يشتدّ به لهيبها، وجرم يكون حريقها عظيما.
[الآية ٦] : إِذْ هُمْ عَلَيْها قُعُودٌ (٦) أي قتلوا ولعنوا حينما أحرقوا المؤمنين بالنار، وهم قاعدون حولها يشرفون عليهم، وهم يعذّبون ويحرقون فيها.