والرضوان، ويذهب المنافقون إلى عذاب النار وبئس المصير.
[القلوب الخاشعة]
الربع الثاني من سورة الحديد يشتمل على الآيات [١٦- ٢٩] وفيها دعوة المؤمنين، إلى أن تكون قلوبهم خاشعة قانتة، تهتزّ لآيات الله وما نزل من الحق، وتستجيب لنداء السماء، وتؤثر الاخرة على الدنيا، والباقية على الفانية.
ومضمون الآيات، كما نرى، امتداد لموضوع السورة الرئيسي: تحقيق الإيمان في النفس، حتّى ينبثق عنها البذل الخالص في سبيل الله.
ويستهل هذا الرّبع برنّة عتاب من الله سبحانه للمؤمنين، الذين لم يصلوا إلى المرتبة السامية في الإيمان، وتلويح لهم بما كان من أهل الكتاب قبلهم من قسوة في القلوب وفسق في الأعمال، وتحذير من هذا المال الذي انتهى اليه أهل الكتاب بطول الأمد عليهم، مع إطماعهم في عون الله الذي يحيي القلوب كما يحيي الأرض بعد موتها، قال تعالى: أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَما نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ [الآية: ١٦] .
وتتبع هذه الدعوة الى الخشوع والتقوى، دعوة تالية إلى إقراض الله قرضا حسنا، مع بيان ما أعدّه الله لمن يقرضونه في الدنيا من العوض المضاعف والأجر الكريم [انظر الآيتين][١٨ و ١٩] .
والآية ٢٠ رسم رائع، وميزان عادل، يضع قيم الدنيا كلّها في كفّة، وقيم الاخرة في كفّة، حيث تبدو قيم الأرض لعبا، خفيفة الوزن، وترجّح كفة الاخرة، ويبدو فيها الجدّ الذي يستحقّ الاهتمام.
ومن ثمّ تهتف الآية ٢١ بهم ليسابقوا إلى قيم الأخرى، في جنّة عرضها كعرض السماء والأرض أعدّت للمتّقين.
والآيتان [٢٢- ٢٣] كلام مفيد في الايمان بالقضاء والقدر وبيان أن الأجل بيد الله جلّ جلاله، الذي خلق النفوس، وكتب أجلها ورزقها، حتّى لا نكثر الأسى على ما فاتنا، ولا نكثر الفرح بما جاءنا، فالقلب الموصول بالله، ثابت في المحن، راض في المنح.