في الآيات الأخيرة من السورة [٣٨- ٤٥] ، نجد ختاما مؤكّدا للمعاني السابقة، متدثّرا إيقاعا سريعا، فيه لمسة التاريخ ومصارع الغابرين، وفيه لمسة المكمون المفتوح، وفيه لمسة البعث والحشر في مشهد جديد، ومع هذه اللمسات التوجيه الموحي للمشاعر والقلوب. فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ (٣٩) وطلوع الشمس وغروبها، ومشهد الليل الذي يعقب الغروب، كلّها ظواهر مرتبطة بالسموات والأرض والقرآن يرجع إليها التسبيح والحمد والسجود، ويضم إليها الصبر والأمل في الله القويّ القادر، فعليك يا محمّد أن تبلّغ القرآن للناس، علّهم يتّعظون أو يخافون: نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَقُولُونَ وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخافُ وَعِيدِ (٤٥) وفي ذلك تسلية للرسول (ص) ، وتثبيت لفؤاده، وتهديد ووعيد للعصاة والكافرين.
[أهداف السورة إجمالا]
قال الفيروزآبادي: مقصود سورة «ق» :
إثبات النبوة للرسول (ص) وبيان حجّة التوحيد والإخبار عن إهلاك القرون الماضية وعلم الحق تعالى بضمائر الخلق وأسرارهم وذكر الملائكة الموكلين بالخلق المشرفين على أقوالهم وذكر بعث القيامة، وذلّ العصاة يومئذ ومناظرة المنكرين بعضهم بعضا في ذلك اليوم وتغيّظ الجحيم على أهله، وتشرّف الجنّة بأهلها والخبر عن تخليق السماء والأرض، وذكر نداء إسرافيل (ع) بنفخه الصور، وتكليف الرسول (ص) أن يعظ الخلق بالقرآن المجيد.