والحرب، ودستور الغنائم والأسرى، ودستور المعاهدات والمواثيق وتضمنت بعد ذلك، الكثير من دستور النصر والهزيمة، وبتضمّنها لأسباب النصر والهزيمة، ولواجبات المجاهدين في الإعداد والاستعداد، ثم ترك الأمر بعد ذلك لله، وما النصر إلا من عند الله. ثم إنها تضمنت بعد ذلك، مشاهد من الموقعة ومشاهد من حركات النفوس قبل المعركة، وفي ثناياها وبعدها. مشاهد حية تعيد إلى المشاعر وقع المعركة، وصورها وسماتها، كأن القارئ يراها. وإلى جوار المعركة استطراد السياق أحيانا إلى صور من حياة الرسول (ص) وحياة أصحابه في مكة، حينما كانوا قليلا مستضعفين في الأرض يخافون أن يتخطّفهم الناس وصور من حياة المشركين قبل هجرة الرسول (ص) من بين ظهرانيهم ومن بعدها وأمثلة من مصائر الكافرين من قبل- كدأب آل فرعون والذين من قبلهم- والدأب معناه الصفة والشأن، أي إن شأن الكافرين واحد في تكذيب الرسل، واستحقاق العقاب وبذلك تقرر السورة سنّة الله، التي لا تتخلّف في نصر المؤمنين وهزيمة المكذبين.
[الغنائم]
لقد افتتحت السورة بالحديث عن الأنفال. وهي الغنائم التي يغنمها المسلمون في جهادهم لإعلاء كلمة الله. وقد ثار بين أهل بدر جدال حول تقسيمها بعد النصر في المعركة، فردهم الله إلى كلمته وحكمه فيها، ردهم إلى تقواه وطاعته، وطاعة رسوله، واستجاش فيهم وجدان التقوى والإيمان، ثم ذكّرهم بما أرادوا هم لأنفسهم من الغنيمة وما أراد الله لهم من النصر، وكيف سارت المعركة وهم قلة لا عدد لهم ولا عدة، وأعداؤهم كثرة في الرجال والعتاد، وكيف ثبتهم الله سبحانه بمدد من الملائكة، وبالمطر يستقون منه، ويثبت الأرض تحت أقدامهم فلا تسوخ في الرمال، وبالنعاس يغشاهم، فيسكب عليهم السكينة والاطمئنان، ويلقي الرعب في قلوب أعدائهم، وينزل بهم شديد العقاب. قال تعالى: