أقول: ظهر لي بعد الجهد: أنه، لمّا ذكر في آخر التحريم، امرأتي نوح ولوط الكافرتين، وامرأة فرعون المؤمنة، افتتحت هذه السورة بقوله تعالى: الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ [الآية ٢] ، مرادا بهما الكفر والإيمان في أحد الأقوال، للإشارة إلى أن الجميع بخلقه وقدرته، ولهذا كفرت امرأتا نوح ولوط، ولم ينفعهما اتصالهما بهذين النبيّين الكريمين، وآمنت امرأة فرعون، ولم يضرّها اتصالها بهذا الجبّار العنيد، لما سبق في كلّ من القضاء والقدر.
ووجه آخر: وهو أن «تبارك» متصل بقوله في آخر الطلاق: اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ [الآية ١٢] .
فزاد ذلك بسطا في هذه الآية: الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرى مِنْ فُطُورٍ (٣) إلى قوله سبحانه: وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ. [الآية ٥] وإنّما فصلت بسورة التحريم لأنّها كالتتمة لسورة الطلاق.
(١) . انتقي هذا المبحث من كتاب: «أسرار ترتيب القرآن» للسيوطي، تحقيق عبد القادر أحمد عطا، دار الاعتصام، القاهرة، الطبعة الثانية، ١٣٩٨ هـ: ١٩٧٨ م.