العظيمة، شرع في تحذير المسلمين من اليهود أن يضلّوهم عنها، ويعودوا بهم إلى ما كانوا عليه من ضلال الشرك، فذكر أن أولئك اليهود قد ضلوا ويريدون أن يعودوا بهم إلى ما كانوا عليه من الضلال، وذكر من ضلالهم تحريفهم للكلم عن مواضعه، وأن النبي (ص) كان، إذا أمرهم بشيء، يقولون سمعنا وعصينا، إلى غير ذلك مما ذكره من ضلالهم. ثم أمرهم أن يؤمنوا بالقرآن من قبل أن يطمس وجوههم فيردّها على أدبارها. وهذا كناية عن تغيير حالهم من عز إلى ذل.
ثم ذكر عظم ذنب الشرك الذي آثروا نصر أهله على المسلمين، وذكر تزكيتهم لأنفسهم بأنهم شعب الله المختار، وأنهم، مع هذا فضلوا عبدة الأصنام على المؤمنين، ثم ذكر أنهم لم يحملهم على ذلك إلا حسد النبي (ص) على ما آتاه الله من فضله، وأنهم إذا حسدوه على ذلك، فقد آتى قبله آل إبراهيم النبوة والكتاب والحكمة والملك، فمنهم من آمن بما آتاهم من ذلك، ومنهم من صدّ عنه حقدا وحسدا، ثم أوعدهم على ذلك بما أوعدهم به، ووعد الذين آمنوا جنات تجري من تحتها الأنهار لَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا (٥٧) .
عودة إلى الأحكام الآيات [٥٨- ٧٠]
ثم قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كانَ سَمِيعاً بَصِيراً (٥٨) فأمرهم بأن يؤدوا الأمانات إلى أهلها، وأن يحكموا بين الناس بالعدل، وأن يطيعوا الله والرسول وأولي الأمر منهم، وأن يردّوا ما يتنازعون فيه إلى كتاب الله وسنّة رسوله، ثم ذكر أن المنافقين يعدلون عن ذلك إلى التحاكم إلى الأوثان كما كانوا يفعلون في الجاهلية، وأنهم إذا دعوا إلى التحاكم إلى كتاب الله وسنة رسوله صدّوا صدودا، وأنهم، إذا أصابتهم مصيبة بما فعلوا من ذلك، جاءوا إلى النبي (ص) يحلفون أنهم ما أرادوا، بتحاكمهم إلى غيره، إلا إحسانا وتوفيقا، وأنه يعلم أنهم يبطنون خلاف ما يظهرون، وأنهم، لو كانوا مخلصين في ذلك، لوجدوه توّابا رحيما، وأنهم لا يؤمنون حقا حتى يحكّموا النبي (ص) في كل