(١) فأقسم بهذه الحروف، أن ما أنزله هو آيات الكتاب المبين، وذكر أنه أنزله قرآنا عربيّا، ليعقلوه ويفهموه، وأنه يقصّ عليه فيه أحسن القصص، وقد كان من قبله لا يعلم شيئا منه، فلا يمكن إلا أن يكون منزّلا من عنده.
قصة يوسف (ع) الآيات (٤- ١٠١)
ثم قال تعالى إِذْ قالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ (٤) كان ليعقوب اثنا عشر ولدا: ستة من ليا بنت ليان، وأربعة من سريّتين له، واثنان من راحيل بنت ليان، وكان قد تزوجها بعد وفاة أختها، فولدت له بنيامين ويوسف. فذكر تعالى أن يوسف رأى أحد عشر كوكبا والشمس والقمر يسجدون له، فقصّ ما رآه على أبيه، فنهاه أن يقصّه على إخوته، لئلا يحملهم الشيطان على الكيد له، وكان يحبه هو وأخوه بنيامين أكثر منهم، ثم أوّله له بأن ربه يجتبيه، ويعلمه من تأويل الأحاديث، ويتمّ نعمته عليه، وعلى آل يعقوب، كما أتمها على أبويه إبراهيم وإسحاق ثم ذكر سبحانه أن في قصة يوسف آيات وعبرا للسائلين، ثمّ فصّلها، فذكر تعالى أن إخوة يوسف ذكروا فيما بينهم أن يوسف وأخاه أحبّ إلى أبيهم منهم، وحكموا بتخطئته في إيثارهما بزيادة حبّه عليهم، وتآمروا على قتله أو إبعاده في أرض عن أبيه فأشار بعضهم بإلقائه في جبّ ليلتقطه بعض السّيّارة الذين يمرون به، فاتفقوا على هذا الرأي، ثم احتالوا على أبيهم، حتى يرسله ليرتع ويلعب معهم، فذكر أنه يخاف أن يأكله الذئب وهم عنه غافلون، فتعهّدوا له ألّا يغفلوا عنه، فلمّا ذهبوا به ألقوه في ذلك الجبّ، واتفقوا على أن يرجعوا إلى أبيهم، فيخبروه بأن الذئب أكله وهم في غفلة عنه، وأوحى الله إليه لينبّئنّهم بأمرهم هذا، وهم لا يشعرون.
ثم ذكر سبحانه أنهم رجعوا إلى أبيهم يبكون، وأخبروه بأنهم ذهبوا يستقون، وتركوا يوسف عند متاعهم، فأكله الذئب، وأتوه بقميصه وعليه دم لطّخوه به، فنظر إلى القميص فوجده لا تمزيق فيه. فعرف كذبهم وأخبرهم بأن أنفسهم سوّلت لهم فيه أمرا، وصبر