قيل: لم قال تعالى: بِرِيحٍ صَرْصَرٍ [الآية ٦] ، ولم يقل «صرصرة» ، كما قال تعالى: وَأَمَّا عادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عاتِيَةٍ (٦)(عاتية) وهو صفة لمؤنث، لأنها الشديدة الصوت أو الشديدة البرد؟
قلنا: لأنّ الصرصر وصف مخصوص بالرّيح لا يوصف به غيرها، فأشبه باب حائض وطامث وحامل، بخلاف عاتية فإنّ غير الريح من الأسماء المؤنّثة يوصف به.
فإن قيل: لم قال تعالى: فَتَرَى الْقَوْمَ فِيها صَرْعى [الآية ٧] أي في تلك الليالي والأيّام، والنبي (ص) ما رآهم ولا يراهم فيها؟
قلنا:«فيها» ظرف، لقوله تعالى (صرعى) ، لا لقوله تعالى (فترى) ، والرؤية هنا من رؤية العلم والاعتبار، فصار المعنى فتعلمهم صرعى في تلك الليالي والأيام، بإعلامنا حتّى كأنّك تشاهدهم.
فإن قيل: لم قال تعالى: فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ واحِدَةٌ (١٣) إلى قوله سبحانه: يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفى مِنْكُمْ خافِيَةٌ (١٨) والمراد بها هنا النفخة الأولى، وهي نفخة الصّعق، بدليل ما ذكر بعدها من فساد العالم العلويّ والسفليّ والعرض إنّما يكون بعد النفخة الثانية، وبين النفختين من الزمان ما شاء الله تعالى، فلم قال سبحانه:
يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ [الآية ١٨] .
قلنا: وضع اليوم موضع الوقت
(١) . انتقي هذا المبحث من كتاب «أسئلة القرآن المجيد وأجوبتها» ، لمحمد بن أبي بكر الرازي، مكتبة البابي الحلبي، القاهرة، غير مؤرّخ.