فإن قيل: لم قال تعالى في وصف أهل النار: فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هاهُنا حَمِيمٌ (٣٥) وَلا طَعامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ (٣٦) . وقال سبحانه في موضع آخر: لَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ (٦)[الغاشية] ، وفي موضع آخر إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ (٤٣) طَعامُ الْأَثِيمِ (٤٤)[الدخان] ، وفي موضع آخر: ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ (٥١) لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ (٥٢) فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ (٥٣)[الواقعة] ، وفي موضع آخر: أُولئِكَ ما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ [البقرة: ١٧٤] ؟
قلنا: معناه إلّا من غسلين وما أشبهه، أو وضع الغسلين موضع كل طعام مؤذ كريه. الثاني: أنّ العذاب ألوان والمعذّبون طبقات فمنهم أكلة الزّقّوم، ومنهم أكلة الغسلين، ومنهم أكلة الضّريع، لكل باب منهم جزء مقسوم.
فإن قيل: لم قال تعالى: إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (٤٠) يعني أن القرآن قول جبريل (ع) ، مع أنه قول الله تعالى لا قول جبريل؟
قلنا: معناه عند الأكثرين أن المراد به النبي (ص) ، والمعنى أنه يقوله ويتكلم به، على وجه الرسالة من عند الله، لا من تلقاء نفسه، كما تزعمون.
فإن قيل: لم قال تعالى: فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ (٤٧) أخبر عن الفرد بالجمع؟
قلنا: قد سبق مثل هذا السؤال وجوابه في آخر سورة البقرة.