لكلّ جاحد بنعمة الله، ولكلّ مكذّب بالدّين والإيمان.
فليعلم ذلك المشركون وأهل مكة، وليحذروا عاقبة كفرهم وعنادهم.
والقصة مسوقة لغاية معيّنة هي بيان عاقبة الجحود ومنع حقّ الله. إنّها عاقبة سيّئة في الدنيا وفي الاخرة وفي القصة تهديد للكافرين، وعظة للمؤمنين.
[الآية ٣٤] : وفي مقابل ما أعدّ للكافرين، بيان بالنعيم الذي أعد للمتّقين.
[الآيات ٣٥- ٤٧] : وعند هاتين الخاتمتين يدخل القرآن معهم في جدل لا تعقيد فيه ولا تركيب، ويتحدّاهم، ويحرجهم بالسؤال تلو السؤال، عن أمور ليس لها إلّا جواب واحد تصعب فيه المغالطة ويهدّدهم في الاخرة بمشهد رهيب، وفي الدنيا بحرب من العزيز الجبّار القويّ الشديد.
[الآيات ٤٨- ٥٠] : توجّه الآيات النبي الكريم إلى الصبر على تكاليف الرسالة، والصبر على الأذى والتكذيب وتذكر له تجربة أخ له من قبل ضاق صدره بتكذيب قومه، وهو يونس (ع) .
[قصة يونس]
أرسل الله يونس بن متى (ع) الى أهل قرية نينوى بجوار مدينة الموصل بالعراق، فاستبطأ إيمانهم وشقّ عليه تلكّؤهم، وضاق صدره بتكذيبهم، فهجرهم مغاضبا لهم. وقاده الغضب الى شاطئ البحر، حيث ركب سفينة مع آخرين فلمّا كانوا في وسط اللجة ثقلت السفينة، وتعرّضت للغرق، فأقرعوا بين الركاب للتخفّف من واحد منهم، لتخفّ السفينة، فكانت القرعة على يونس: فألقوه في اليم، فابتلعه الحوت، عندئذ نادى يونس وَهُوَ مَكْظُومٌ (٤٨) مملوء غيظا، لوقوعه في كرب شديد، في ظلمات البحر، وفي بطن الحوت، وفي وسط اللجة، نادى ربه قائلا: لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (٨٧)[الأنبياء] ، فتداركته نعمة من ربّه، فنبذه الحوت على الشاطئ مريضا سقيما، ثمّ يسّر الله له الأمور، واصطفاه وأوحى إليه، وأرسله إلى مائة ألف أو يزيدون فآمنوا به وجعله الله من الصّالحين، حيث ردّ إليه الوحي، وشفّعه في نفسه وقومه.