للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الآيات ١٧- ٣٣] : هذه الآيات تتناول قصّة أصحاب الجنة، وهم قوم ورثوا عن أبيهم بستانا جميلا مثمرا يانعا، وكان أبوهم يخرج زكاة البستان، ويوزع مقدارا منه على الفقراء والمساكين، ولكنهم خالفوا أباهم ومنعوا حقّ الفقراء والمساكين، فعاقبهم الله بهلاك البستان، وكذلك يعاقب الكافرين يوم القيامة. وقد عرضتها الآيات عرضا رائعا يمثل خطوات القصة، وضعف تدبير الإنسان أمام تدبير الله الواحد الدّيّان، فلنسر مع الآيات.

[الآيتان ١٧- ١٨] : لقد استقرّ رأي أصحاب الجنّة أن يقطعوا ثمرها عند الصباح، دون أن يستثنوا منه شيئا للمساكين، وأقسموا على هذا، وعقدوا النيّة عليه.

[الآيتان ١٩ و ٢٠] : فطرق تلك الجنة طارق من أمر الله ليلا، وهم نيام فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ (٢٠) أي كالبستان الذي صرمت ثماره أي قطعت، كأنّها مقطوعة الثمار، فقد ذهب الطائف الذي طاف عليها بثمرها كله.

[الآيات ٢١- ٢٤] : فنادى بعضهم بعضا في الصباح، وانطلقوا يتحدّثون في خفوت، زيادة في إحكام التدبير، ويوصي بعضهم بعضا أن يحتجزوا الثمر كله، ويحرموا منه المساكين.

[الآية ٢٥] : وغدوا مصمّمين على حرد «١» المساكين ومنعهم وحرمانهم، قادرين عند أنفسهم على المنع وحجب منفعتها عن المساكين.

[الآيتان ٢٦ و ٢٧] : فلمّا شاهدوا بستانهم ورأوه محترقا أنكروه، وشكّوا فيه وقالوا: أبستاننا هذا أم نحن ضالون طريقه ثمّ تيقّنوا أنّه بستانهم، وقد حاق بهم الحرمان والندم.

[الآيات ٢٨ ٣٢] : وبعد أن حدث ما حدث، ألقى كلّ منهم تبعة ما وقع على غيره، وتشاحنوا، ثمّ تركوا التلاوم، واعترفوا بالخطيئة أمام العاقبة الرديئة، عسى أن يغفر الله لهم، ويعوّضهم من الجنّة الضائعة.

[الآية ٣٣] : هكذا يكون عذاب من خالف أمر الله، وبخل بما آتاه، وأنعم به عليه، ومنع حقّ البائس الفقير وفي الاخرة عذاب أكبر من هذا العذاب،


(١) . الحرد: المنع.