المنتهى، وجنة المأوى، وآيات ربّه الكبرى، ثم فرض الله سبحانه عليه الصلاة، لتكون صلة بين المخلوق والخالق، ورباطا بين الإنسان وربّه، وعاد (ص) إلى مكة قبل طلوع الفجر.
والرحلة من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، رحلة مختارة من لدن اللطيف الخبير، تربط بين عقائد التوحيد الكبرى، من إبراهيم وإسماعيل (ع) إلى محمد خاتم النبيين (ص) ، وتربط بين الأماكن المقدّسة لديانات التوحيد جميعا.
وكأنّما أريد بهذه الرحلة العجيبة، إعلان وراثة الرسول الأخير لمقدّسات الرسل قبله، واشتمال رسالته على هذه المقدسات، وارتباط رسالته بها جميعا فهي رحلة ترمز إلى أبعد من حدود الزمان والمكان، وتتضمّن أكبر من المعاني القريبة، التي تنكشف عنها للنظرة الاولى.
والإسراء آية صاحبتها آيات:
لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا.
والنقلة العجيبة بين المسجد الحرام والمسجد الأقصى، في الوقت القصير، آية من آيات الله، تفتح القلب على آفاق عجيبة في هذا الوجود، وتكشف عن نعم الله على الجنس البشري، الذي كرّمه الله وفضّله على كثير من خلقه، واصطفى من بينهم رسلا وأنبياء، يوحي إليهم ويخصّهم بالنبوّة والهداية، والمعجزات الباهرة.
هذا الإسراء آية من آيات الله. وهو نقلة عجيبة بالقياس إلى مألوف البشر، والمسجد الأقصى، هو طرف الرحلة، وهو قلب الأرض المقدّسة التي بارك الله حولها، بركات مادية ومعنوية، فحولها الأشجار والثمار، وإليها يتحرّك الحجيج، وقد زارها الأنبياء والمرسلون.
واتفق جمهور العلماء على أن الإسراء كان بالروح والجسد، يقظة لا مناما وذهب بعض العلماء إلى أن الإسراء كان بالروح فقط، وكان في النوم لا في اليقظة، لقوله تعالى في سورة الإسراء: