[القصص/ ٧٨] ، مستدلا به على علوّ منزلته في الدّار الآخرة وكل ذلك منهيّ عنه. وأمّا إذا قاله على وجه الشكر والتحدّث بنعمة الله، فليس بمذموم ولا منهيّ عنه.
فإن قيل: لم قال الله تعالى في الجملة الأولى: فَأَكْرَمَهُ [الآية ١٥] ولم يقل في الجملة الثانية «فأهانه» ؟
قلنا: لأنّ بسط الرزق إكرامه لأنّه إنعام وإفضال من غير سابقة، وقبضه ليس بإهانة لأنّ ترك الإنعام لا يكون إهانة بل هو واسطة بين الإكرام والإهانة، فإنّ المولى قد يكرم عبده وقد يهينه، وقد لا يكرمه ولا يهينه وتضييق الرزق ليس إلّا عبارة عن ترك إعطاء القدر الزائد، ألا ترى أنه يحسن أن تقول: زيد أكرمني إذا أهدى لك هدية، ولا يحسن أن تقول: أهانني إذا لم يهد لك؟
فإن قيل: لم قال الله تعالى: وَجاءَ رَبُّكَ [الآية ٢٢] والحركة والانتقال على الله محالان لأنهما من خواصّ الكائن في جهة؟
قلنا: قال ابن عبّاس رضي الله عنهما: وجاء أمر ربك لأنّ في القيامة تظهر جلائل آيات الله تعالى، ونظيره قوله تعالى: لْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ
[النحل/ ٣٣] وقيل معناه وجاء ظهور ربّك لضرورة معرفته يوم القيامة ومعرفة الشيء بالضرورة تقوم مقام ظهوره ورؤيته فمعناه: زالت الشكوك وارتفعت الشّبه كما ترتفع عند مجيء الشيء الذي كان يشكّ فيه.