للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ [النساء: ٨٠] أو سمّى نفاقهم خداعا، لشبهه بفعل المخادع.

فإن قيل: لم حصر الفساد في المنافقين، بقوله تعالى: أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ [الآية ١٢] ومعلوم أنّ غيرهم مفسد؟

قلنا: المراد بالفساد، الفساد بالنفاق وهم كانوا مختصّين به:

فإن قيل: لم قال الله تعالى: اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ [الآية ١٥] والاستهزاء من باب العبث والسخرية وهو قبيح، والله تعالى منزه عن القبيح؟

قلنا: سمي جزاء الاستهزاء استهزاء، مشاكلة، كقوله تعالى: وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها [الشورى: ٤٠] فالمعنى الله يجازيهم جزاء استهزائهم.

فإن قيل: ما الحكمة في قوله تعالى: أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ [الآية ١٩] ومعلوم أنّ الصّيب لا يكون إلّا من السماء؟

قلنا: الحكمة فيه، أنّ السّياق ذكر السماء معرفة، وأضافه إليها ليدلّ على أنّه من جميع آفاقها لا من أفق واحد، إذ كل أفق يسمّى سماء قال الشاعر:

ومن بعد أرض بيننا وسماء

فإن قيل: لم قال تعالى: فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٢٢) مع أنّ المشركين لم يكونوا عالمين، أنّه لا ندّ له سبحانه ولا شريك له، بل كانوا يعتقدون أنّ له أندادا وشركاء؟.

قلنا: معناه: وأنتم تعلمون، أنّ الأنداد لا يقدرون على شيء ممّا سبق ذكره في الآية. أو وأنتم تعلمون أنّه ليس في التوراة والإنجيل جواز اتخاذ الأنداد.

فإن قيل: لم قال تعالى: فَاتَّقُوا النَّارَ [الآية ٢٤] فعرّف النار هنا، ونكّرها في سورة التحريم؟

قلنا: لأنّ الخطاب في هذه مع المنافقين، وهم في أسفل النار المحيطة بهم، فعرّفت بلام الاستغراق أو العهد الذهني وفي تلك مع المؤمنين والذي يعذّب من عصاتهم بالنار يكون في جزء من أعلاها، فناسب تنكيرها لتقليلها. وقيل: لأنّ تلك الآية نزلت بمكّة قبل هذه الآية فلم تكن النار التي وقودها النّاس والحجارة معروفة فنكّرها ثم نزلت هذه الآية بالمدينة، فعرفت إشارة بها إلى ما عرفوه أولا.