للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إنها دعت، في الدرس السابق، الى التوحيد، ولفتت الأنظار الى قدرة الله البالغة وعلمه المحيط بكل شيء.

وهي، هنا، تسوق دليلا آخر على صدق عقيدة التوحيد، وصدق رسالة محمد (ص) ، هذا الدليل هو إعجاز هذا القرآن وروعته وقوته. ويتجلى هذا الاعجاز فيما يلي:

١- إخباره عن الأمم الماضية التي لم يعاصرها محمد (ص) ، ولم يعرف تاريخها ولم يقرأ عنها.

٢- اشتماله على أصول التشريع، وسياسة الخلق، وقواعد الحكم، وآداب المعاملة، ونظام العبادات من صلاة وصيام وحج وزكاة.

٣- إخباره عن أنباء لاحقة تأكّد صدقها، وتحقّق وقوعها.

لقد ادّعى كفّار مكّة أنّ محمّدا (ص) قد اختلق القرآن من عنده، ولم ينزل عليه من السماء، فتحدّاهم القرآن أن يأتوا بعشر سور مثله مفتريات. أي ليختلقوا كما اختلق محمد (ص) ، فهم عرب مثله، وهم أرباب الفصاحة والبيان، والقرآن مؤلّف من حروف وكلمات وجمل يعرفونها ويؤلفون من مثلها كلامهم، فالعجز عن الإتيان بمثل القرآن دليل على أنه ليس من صنع بشر، وليس من افتراء محمد (ص) ، ولكنه كلام الله العليم الخبير.

وقد سمح لهم القرآن أن يستعينوا بمن شاؤوا، من الشركاء والفصحاء والبلغاء والشعراء والإنس والجن، ليشاركوهم في تأليف هذه السور، قال تعالى:

أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (١٣) .

وقد سبق أن تحدّاهم القرآن بسورة واحدة في سورة يونس، فلماذا تحدّاهم بعد ذلك بعشر سور.

قال المفسرون القدامى، إن التحدي كان على الترتيب: بالقرآن كلّه ثم بعشر سور، ثم بسورة واحدة.

ولكن هذا الترتيب ليس عليه دليل، بل الظاهر أن سورة يونس سابقة والتحدي فيها بسورة واحدة، وسورة هود لاحقة والتحدي فيها بعشر سور.

وترتيب الآيات في النزول ليس من