للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ [الآية ١٩] ؟

قلنا: قال ابن مسعود ومجاهد: كلّ مؤمن صدّيق. الثاني: أنّ الصّدّيق هو الكثير الصدق، وهو الذي كلّ أقواله وأفعاله وأحواله صدق، فعلى هذا يكون المراد به بعض المؤمنين لا كلّهم. وقد روي عن الضّحّاك أنّها نزلت في ثمانية نفر، سبقوا أهل الأرض في زمانهم إلى الإسلام وهم أبو بكر، وعثمان، وعلي، وحمزة بن عبد المطلب، وطلحة، والزبير، وسعد، وزيد وألحق بهم عمر، رضي الله عنهم فصاروا تسعة.

فإن قيل: لم ذكر سبحانه هؤلاء المذكورين بكونهم شهداء، ومنهم من لم يقتل؟

قلنا: معناه أنّ لهم أجر الشهداء.

الثاني: أنه جمع بمعنى شاهد، فمعناه أنهم شاهدوه عند ربّهم على أنفسهم بالإيمان. الثالث أنه مبتدأ منقطع عمّا قبله لا معطوف عليه معناه: والشهداء عند ربهم لهم أجرهم ونورهم.

فإن قيل: لم قال تعالى: سابِقُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ [الآية ٢١] والمسابقة من المفاعلة التي لا تكون إلا بين اثنين كقولك: سابق زيد عمرا؟

قلنا: قيل معناه سارعوا مسارعة المسابقين لأقرانهم في الميدان ويؤيّد هذا القول مجيئه بلفظ المسارعة في سورة آل عمران «١» . وقيل سابقوا ملك الموت، قبل أن يقطعكم بالموت، عن الأعمال التي توصلكم إلى الجنة وقيل سابقوا إبليس، قبل أن يصدّكم بغروره وخداعه عن ذلك.

فإن قيل: لم قال تعالى: وَجَنَّةٍ عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماءِ وَالْأَرْضِ [الآية ٢١] . وقال تعالى في سورة آل عمران وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ [آل عمران: ١٣٣] فكيف يكون عرضها كعرض السماء الواحدة، وكعرض السماوات السبع؟

قلنا المراد بالسّماء جنس السماوات لا سماء واحدة، كما أن المراد بالأرض في الآيتين جنس الأرضين، فصار التشبيه في الآيتين بعرض السماوات السبع، والأرضين السبع.

فإن قيل: لم قال تعالى:


(١) . إشارة إلى الآية الكريمة وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ [آل عمران: ١٣٣] .