وأمرهم أن يسيروا في الأرض، ليروا بأنفسهم كيف كانت عاقبتهم.
ثم بيّن لهم- بعد أن ذكر أنه لا سبيل إلى هذه الآية- آياته على التوحيد، فأمر النبي (ص) أن يسألهم لمن ما في السماوات والأرض؟ وأن يجيبهم بأن ذلك له سبحانه، وحده لا لآلهتهم وبأن له ما سكن في الليل والنهار من الدواب وغيرها ثم أمره أن يقول لهم: إنه لا يمكنه بعد هذا أن يتّخذ غيره سبحانه وليا من أصنامهم، وإنه قد أمر أن يكون أوّل من أسلم له ولا يشرك به، وإنه يخاف، إن عصاه، عذاب يوم القيامة ثم ذكر أنه من يصرف عنه هذا العذاب فقد رحمه الله، وأنه إن يمسسه بضرّ فلا كاشف له غيره، وإن يمسسه بخير فهو على كل شيء قدير وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (١٨) .
ثم بيّن لهم الأدلة على النبوة، فأمر النبي (ص) أن يسألهم: أي شيء أكبر شهادة؟ وأن يجيبهم بأن الله هو الأكبر شهادة لا غيره منهم ومن آلهتهم، وقد شهد له بالنبوة بما أوحي إليه من القرآن المعجز، وإذا كانوا يشهدون أن معه آلهة أخرى تساويه في الشهادة، فهو لا يشهد معهم بذلك ثم ذكر أنّ أهل الكتاب يشهدون بنبوّته أيضا، ويعرفونه كما يعرفون أبناءهم، وأن أولئك المشركين قد ضلوا وخسروا أنفسهم فلا سبيل إلى إيمانهم ثم ذكر أنه لا يوجد أضل منهم لافترائهم شركاء له وتكذيبهم بآياته، وأنه سيحشرهم جميعا ثم يسألهم عن شركائهم، فينكرون أنّهم كانوا مشركين: انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ (٢٤) .
ثم انتقل إلى بيان بعض أسباب كفرهم، فذكر منها أنه جعل على قلوبهم أكنة وفي آذانهم وقرا، وأنهم إن يروا كلّ آية لا يؤمنوا بها، وليس عندهم إذا جادلوا فيها إلّا أن يقولوا إن هذا إلا أساطير الأولين ثم ذكر أنهم ينهون الناس عن الاستماع إليه، وينأون عنه، ولا يضرّون بهذا إلا أنفسهم وأنهم سيندمون عليه حينما يعرضون على النار، ويتمنّون أن يردّوا إلى الدنيا ليؤمنوا بتلك الآيات التي كذّبوا بها، ولو أنهم ردّوا إلى الدنيا لعادوا إلى تكذيبهم ثم ذكر من تلك الأسباب أنهم لا يؤمنون إلّا بالحياة الدنيا، وينكرون أن يكون هناك بعث لهم