والرسل ووحدة دعوتهم. ووقفتهم أمّة واحدة في مواجهة الفرقة المكذّبة بدين الله على اختلاف الأمكنة والأزمنة.
والحقيقة الثانية: بيان نعمة الله على البشر وزيادة النعمة بالشكر ومقابلة أكثر الناس لها بالجحود والكفران.
تبدأ السورة ببيان وظيفة الرسول وبيان هدف القرآن. وهذه الوظيفة هي هداية الناس، وإبطال عادات الجاهلية وقيمها. وإرساء معالم التوحيد والعدالة والمساواة. قال تعالى:
الر كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (١) .
وتختم السورة بهذا المعنى وبالحقيقة الكبرى التي تتضمنها الرسالة، حقيقة التوحيد في قوله تعالى:
هذا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ (٥٢) .
وفي أثناء السورة نجد أن موسى (ع) قد أرسل بمثل ما أرسل به محمد (ص) وللهدف نفسه، وهو إخراج الناس من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان، قال تعالى: وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ [الآية ٥] .
وتذكر السورة أن وظيفة الرسل عامة، هي بيان الحق وتوضيح طريق الهداية إلى الله، قال تعالى:
وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ [الآية ٤] .
وتبين السورة أن الرسول بشر يوحى إليه، وأن بشريته هي التي تحدد وظيفته، فهو مبلّغ ومنذر وناصح ومبيّن ولكنه لا يملك أن يأتي بخارقة أو معجزة إلّا بإذن الله، وحين يشاء الله، لا حين يشاء هو أو قومه ولا يملك الرسول أن يهدي قومه أو يضلّهم:
فالهدى والضلال متعلّقان بسنّة الله التي اقتضتها مشيئته المطلقة. ولقد كانت بشرية الرسل موضع الاعتراض من الأقوام جميعهم في جاهليتهم.
والسورة هنا تحكي قولهم مجتمعين:
قالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونا عَمَّا كانَ يَعْبُدُ آباؤُنا فَأْتُونا بِسُلْطانٍ مُبِينٍ (١٠) .
وتحكي ردّ رسلهم كذلك مجتمعين:
قالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ