للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يفعله إلّا المؤمنون الخلّص، فبعثوا عليه، ليأخذوا بدله، في يوم لا بيع فيه ولا خلال أي: لا انتفاع فيه بمبايعة ولا بمخالّة، ولا بما ينفقون به أموالهم من المعاوضات والمكارمات.

٧- وقال تعالى: رَبَّنا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ [الآية ٣٧] .

وقوله تعالى: تَهْوِي إِلَيْهِمْ أي:

تسرع إليهم، وتطير نحوهم شوقا ونزاعا، كقول أبي كبير الهذلي:

وإذا رميت به الفجاج رأيته ... يهوي مخارمها هويّ الأجدل

وقرئ: تهوى إليهم، على البناء للمفعول.

أقول: واستعمال «تهوي» في الآية استعمال في المجاز، ذلك أنّ الأفئدة تميل وتجنح إليهم شوقا، وليس «الهويّ» على حقيقته، وهو السقوط.

والذي بقي من استعمال هذا الفعل، هو المعنى الحقيقي.

٨- وقال تعالى: مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ (٤٣) . والإهطاع أن تقبل ببصرك على المرئيّ، تديم النظر إليه لا تطرف.

و «مقنعي رؤوسهم» أي: رافعيها.

«وأفئدتهم هواء» ، أي: خلاء لم تشغله الأجرام، فوصف به فقيل: قلب فلان هواء، إذا كان جبانا لا قوة في قلبه ولا جرأة، قال حسان يهجو أبا سفيان:

ألا أبلغ أبا سفيان عنّي ... فأنت مجوّف نخب هواء

فكون الأفئدة هواء أي: صفرا من الخير.

٩- وقال تعالى: وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ (٤٦) .

«إن» هنا في الآية نافية، واللام مؤكّدة لها.

والمعنى: ومحال أن تزول الجبال بمكرهم.

وهذه الآية شاهد آخر في مجيء «إن» النافية التي أشرنا إليها، وبسطنا فيها القول.