للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كافيا، كان أولى الألسنة لسان قوم الرسول، لأنهم أقرب إليه وأفهم عنه.

فإن قيل: لم قال تعالى في سورة البقرة يُذَبِّحُونَ [الآية ٤٩] وفي سورة الأعراف يُقَتِّلُونَ [الآية ١٤١] بغير واو فيهما، وقال هنا وَيُذَبِّحُونَ [الآية ٦] بالواو، والقصة واحدة؟

قلنا: حيث حذف الواو جعل التذبيح والتقتيل تفسيرا للعذاب وبيانا له، وحيث أثبتها جعل التذبيح كأنه جنس آخر غير العذاب، لأنه أوفى على بقية أنواعه، وزاد عليها زيادة ظاهرة، فعلى هذا يكون إثبات الواو أبلغ.

فإن قيل: ما معنى التبعيض في قوله تعالى: لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ [الآية ١٠] ؟

قلنا: ما جاء هذا إلا في خطاب الكافرين، كقوله تعالى في سورة نوح عليه السلام: لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ [الآية ٤] وقوله تعالى في سورة الأحقاف: يا قَوْمَنا أَجِيبُوا داعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ [الآية ٣١] وقال تعالى في خطاب المؤمنين في سورة الصفّ: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ [الآية ١٠] إلى قوله تعالى من الآية نفسها: يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ [الصفّ/ ١٢] وقال تعالى في آخر سورة الأحزاب: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيداً (٧٠) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وكذا باقي الآيات في خطاب الفريقين إذا تتبعتها، وما ذلك إلا للتفرقة بين الخطابين لئلا يسوّى بين الفريقين في الوعد مع اختلاف رتبتهما، لا لأنه يغفر للكفّار مع بقائهم على الكفر بعض ذنوبهم والذي يؤيد ما ذكرناه من العلة، أنه في سورة نوح عليه السلام، وفي سورة الأحقاف، وعدهم مغفرة بعض الذنوب بشرط الإيمان مطلقا. وقيل معنى التبعيض أنه يغفر لهم ما بينهم وبينه، لا ما بينهم وبين العباد من المظالم ونحوها. وقيل «من» زائدة.

فإن قيل: لم كرر تعالى الأمر بالتوكّل، ولم قال أوّلا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (١١) وقال ثانيا:

وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ (١٢) ؟

قلنا: الأمر الأول لاستحداث التوكّل، والثاني لتثبيت المتوكّلين على ما استحدثوا من توكلهم فلهذا كرره،