للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العاقبة والصيرورة، وليست لام الغرض، والمقصود كما في قوله تعالى: فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً [القصص/ ٨] وقول الشاعر:

لدوا للموت وابنوا للخراب

وقول الآخر:

فللموت تغذو الوالدات سخالها ... كما لخراب الدّهر تبنى المساكن

والمعنى فيه أنهم لما أفضى بهم اتخاذ الأنداد إلى الضلال، أو الإضلال، صاروا كأنهم اتّخذوها لذلك وكذا الالتقاط والولادة والبناء، ونظائره كثيرة في القرآن العزيز، وفي كلام العرب.

فإن قيل: كيف طابق الأمر بإقامة الصلاة وإنفاق المال، وصف اليوم بأنه لا بيع فيه ولا خلال؟

قلنا: معناه قل لهم يقدّموا، من الصلوات والصدقة، متجرا يجدون ربحه يوم لا تنفعهم متاجر الدنيا من المعاوضات والصدقات التي يجلبونها بالهدايا والتحف، لتحصيل المنافع الدنيوية، فجاءت المطابقة.

فإن قيل: لم قال تعالى: لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خِلالٌ (٣١) أي لا صداقة، وفي يوم القيامة خلال، لقوله تعالى:

الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ (٦٧) [الزخرف] ولقوله (ص) «المرء مع من أحبّ» ؟

قلنا: لا خلال فيه لمن لم يقم الصلاة ولم يؤدّ الزكاة فأما المقيمون الصلاة والمؤتون الزكاة فهم الأتقياء، وبينهم الخلال يوم القيامة لما تلونا من الآية.

فإن قيل: لم قال تعالى: وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ (٣٣) ؟ والمسخّر للإنسان هو الذي يكون في طاعته يصرفه كيف شاء في أمره ونهيه كالدابة والعبد والفلك، كما قال تعالى: وَتَقُولُوا سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا [الزخرف/ ١٣] وقال تعالى: لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا [الزخرف/ ٣٢] وقال تعالى:

وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ [الآية ٣٢] ويقال فلان مسخّر لفلان إذا كان مطيعا له، وممتثلا لأوامره ونواهيه؟

قلنا: لما كان طلوعهما وغروبهما وتعاقب الليل والنهار لمنافعنا متّصلا مستمرّا، اتّصالا لا تنقطع علينا فيه المنفعة ولا تنخرم، سواء أشاءت هذه المخلوقات أم أبت، فقد أشبهت